فوقع الشك والاحتمال في ثبوت الإجازة فلا يثبت بالشك والاحتمال ولو قال له طلقها تطليقة تملك الرجعة فهو إجازة لارتفاع الترداد إذ لا رجعة في المتاركة للنكاح الموقوف وفسخه وأما الضرورة فنحو ان يعتق المولى العبد أو الأمة فيكون الاعتاق إجازة ولو أذن بالنكاح لم يكن الاذن بالنكاح إجازة ووجه الفرق بينهما من وجهين أحدهما انه لو لم يجعل الاعتاق إجازة لكان لا يخلو اما أن يبطل بالنكاح الموقوف واما أن يبقى موقوفا على الإجازة ولا سبيل إلى الأول لان النكاح صدر من الأهل في المحل فلا يبطل الا بابطال من له ولاية الابطال ولا سبيل إلى الثاني لأنه لو بقي موقوفا على الإجازة فاما ان بقي موقوفا على إجازة المولى أو على إجازة العبد لا وجه للأول لأن ولاية الإجازة لا تثبت الا بالملك وقد زال بالاعتاق ولا وجه للثاني لأن العقد وجد من العبد فكيف يقف عقد الانسان على اجازته وإذا بطلت هذه الاقسام وليس ههنا قسم آخر لزم أن يجعل الاعتاق إجازة ضرورة وهذه الضرورة لم توجد في الاذن بالنكاح وللثاني ان امتناع النفاذ مع صدور التصرف من الأهل في المحل لقيام حق المولى وهو الملك نظرا له دفعا للضرر عنه وقد زال ملكه بالاعتاق فزال المانع من النفوذ والاذن بالتزوج لا يوجب زوال المانع وهو الملك لكنه بالاذن اقامه مقام نفسه في النكاح كأنه هو ثم ثبوت ولاية الإجازة له لم تكن إجازة ما لم يجز فكذا العبد ثم إذا لم يكن نفس الاذن من المولى بالنكاح إجازة لذلك العقد فان أجازه العبد جاز استحسانا والقياس أن لا يجوز وان أجازه وجه القياس انه مأذون بالعقد والإجازة مع العقد متغايران اسما وصورة وشرطا أما الاسم والصورة فلا شك في تغايرهما وأما الشرط فان محل العقد عليه ومحل الإجازة نفس العقد وكذا الشهادة شرط العقد لا شرط الإجازة والاذن بأحد المتغايرين لا يكون اذنا بالآخر وجه الاستحسان ان العبد أتى ببعض ما هو مأذون فيه فكان متصرفا عن اذن فيجوز تصرفه ودلالة ذلك ان المولى اذن له بعقد نافذ فكان مأذونا بتحصيل أصل العقد ووصفه وهو النفاذ وقد حصل النفاذ فيحصل ولهذا لو زوج فضولي هذا العبد امرأة بغير اذن المولى فأجاز العبد نفذ العقد دل ان تنفيذ العقد بالإجازة مأذون فيه من قبل المولى فينفذ بإجازته ثم إذا نفذ النكاح بالاعتاق وهي أمة فلا خيار لها لان النكاح نفذ بعد العتق فالاعتاق لم يصادفها وهي منكوحة والمهر لها ان لم يكن الزوج دخل بها قبل الاعتاق وإن كان قد دخل بها قبل الاعتاق فالمهر للمولى هذا إذا أعتقها وهي كبيرة فأما إذا كانت صغيرة فأعتقها فان الاعتاق لا يكون إجازة ويبطل العقد عند زفر وعندنا يبقى موقوفا على إجازة المولى إذا لم يكن لها عصبة فإن كان لها عصبة يتوقف على إجازة العصبة ويجوز بإجازة العصبة ثم إن كان المجيز غير الأب أو الجد فلها خيار الادراك لأن العقد نفذ عليها في حالة الصغر وهي حرة وإن كان المجيز أبوها أو جدها فلا خيار لها ولو مات المولى قبل الإجازة فان ورثها من يحل له وطؤها بطل النكاح الموقوف لان الحل النافذ قد طرأ على الموقوف لوجود سبب الحل وهو الملك قال الله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ومن ضرورة ثبوت الحل له ارتفاع الموقوف وان ورثها من لا يحل له وطؤها بأن كان الوارث ابن الميت وقد وطئها أبوه أو كانت الأمة أخته من الرضاع أو ورثها جماعة فللوارث الإجازة لأنه لم يوجد طريان الحل فبقي الموقوف على حاله وكذلك إذا باعها المولى قبل الإجازة فهو على التفصيل الذي ذكرنا في الوارث وعلى هذا قالوا فيمن تزوج جارية غيره بغير اذنه ووطئها ثم باعها المولى من رجل ان للمشترى الإجازة لان وطئ الزوج يمنع حل الوطئ للمشترى وأما العبد إذا تزوج بغير اذن المولى فمات الولي أو باعه قبل الإجازة فللوارث والمشترى الإجازة لأنه لا يتصور حل الوطئ ههنا فلم يوجد طريان حل الوطئ فبقي الموقوف بحاله وهذا الذي ذكرنا قول أصحابنا الثلاثة وقال زفر لا يجوز بإجازة الوارث والمشترى بل يبطل والأصل فيه ان العقد الموقوف على إجازة انسان يحتمل الإجازة من قبل غيره عندنا وعنده لا يحتمل وجه قوله إن الإجازة إنما تلحق الموقوف لأنها تنفيذ الموقوف فإنما تلحقه على الوجه الذي وقف وإنما وقف على الأول لا على الثاني فلا يملك الثاني تنفيذه
(٢٣٥)