زوجناكها ولان الحكم الأصلي للنكاح هو الازدواج والملك يثبت وسيلة إليه فوجب اختصاصه بلفظ يدل على الازدواج وهو لفظ التزويج والانكاح لا غير ولنا أنه انعقد نكاح رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ الهبة فينعقد به نكاح أمته ودلالة الوصف قوله تعالى وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي ان أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك معطوفا على قوله يا أيها النبي انا أحللنا لك أزواجك أخبر الله تعالى ان المرأة المؤمنة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم عند استنكاحه إياها حلال له وما كان مشروعا في حق النبي صلى الله عليه وسلم يكون مشروعا في حق أمته هو الأصل حتى يقوم دليل الخصوص فان قيل قد قام دليل الخصوص ههنا وهو قوله تعالى خالصة لك من دون المؤمنين فالجواب أن المراد منه خالصة لك من دون المؤمنين بغير أجر فالخلوص يرجع إلى الاجر لا إلى لفظ الهبة لوجوه أحدها ذكره عقيبه وهو قوله عز وجل قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم فدل أن خلوص تلك المرأة له كان بالنكاح بلا فرض منه والثاني أنه قال تعالى لئلا يكون عليك حرج ومعلوم أنه لا حرج كان يلحقه في نفس العبارة وإنما الحرج في اعطاء البدل والثالث أن هذا خرج مخرج الامتنان عليه وعلى أمته في لفظ الهبة ليست تلك في لفظة التزويج فدل أن المنة فيما صارت له بلا مهر فانصرف الخلوص إليه ولان الانعقاد بلفظ النكاح والتزويج لكونه لفظا موضوعا لحكم أصل النكاح شرعا وهو الازدواج وانه لم يشرع بدون الملك فإذا أتى به يثبت الازدواج باللفظ ويثبت الملك الذي يلازمه شرعا ولفظ التمليك موضوع لحكم آخر أصلى للنكاح وهو الملك وانه غير مشروع في النكاح بدون الازدواج فإذا أتى به وجب أن يثبت به الملك ويثبت الازدواج الذي يلازمه شرعا استدلالا لاحد اللفظين بالآخر وهذا لأنهما حكمان متلازمان شرعا ولم يشرع أحدهما بدون الآخر فإذا ثبت أحدهما ثبت الآخر ضرورة ويكون الرضا بأحدهما رضا بالآخر وأما الحديث فنقول بموجبه لكن لم قلتم ان استحلال الفروج بهذه الألفاظ استحلال بغير كلمة الله فيرجع الكلام إلى تفسير الكلمة المذكورة فنقول كلمة الله تعالى تحتمل حكم الله عز وجل كقوله تعالى ولولا كلمة سبقت من ربك فلم قلتم بأن جواز النكاح بهذه الألفاظ ليس حكم الله تعالى والدليل على أنه حكم الله تعالى ما ذكرنا من الدلائل مع ما أن كل لفظ جعل علما على حكم شرعي فهو حكم الله تعالى وإضافة الكلمة إلى الله تعالى باعتبار أن الشارع هو الله تعالى فهو الجاعل اللفظ سببا لثبوت الحكم شرعا فكان كلمة الله تعالى فمن هذا الوجه على الاستحلال بكلمة الله لا ينفى الاستحلال لا بكلمة الله تعالى فكان مسكوتا عنه فلا يصح الاحتجاج به ولا ينعقد النكاح بلفظ الإجارة عند عامة مشايخنا والأصل عندهم أن النكاح لا ينعقد الا بلفظ موضوع لتمليك العين هكذا روى ابن رستم عن محمد أنه قال كل لفظ يكون في اللغة تمليكا للرقبة فهو في الحرة نكاح وحكى عن الكرخي أنه ينعقد بلفظ الإجارة لقوله تعالى فآتوهن أجورهن سمى الله تعالى المهر أجرا ولا أجر الا بالإجارة فلو لم تكن الإجارة نكاحا لم يكن المهر أجرا (وجه) قول العامة ان الإجارة عقد موقت بدليل أن التأبيد يبطلها والنكاح عقد مؤبد أن التوقيت يبطله وانعقاد العقد بلفظ يتضمن المنع من الانعقاد ممتنع ولان الإجارة تمليك المنفعة ومنافع البضع في حكم الاجزاء والأعيان فكيف يثبت ملك العين بتمليك المنفعة ولا ينعقد بلفظ الإعارة لان الإعارة إن كانت إباحة المنفعة فالنكاح لا ينعقد بلفظ الإباحة لانعدام معنى التمليك أصلا وإن كانت تمليك المتعة فالنكاح لا ينعقد الا بلفظ موضوع لتمليك الرقبة ولم يوجد واختلف المشايخ في لفظ القرض قال بعضهم لا ينعقد لأنه في معنى الإعارة وقال بعضهم ينعقد لأنه يثبت به الملك في العين لان المستقرض يصير ملكا للمستقرض وكذا اختلفوا في لفظ السلم قال بعضهم لا ينعقد لان السلم في الحيوان لا يصح وقال بعضهم ينعقد لأنه يثبت به ملك الرقبة والسلم في الحيوان ينعقد عندنا حتى لو اتصل به القبض يعد الملك ملكا فاسدا لكن ليس كل ما يفسد البيع يفسد النكاح واختلفوا أيضا في لفظ الصرف قال بعضهم لا ينعقد به لأنه وضع لاثبات الملك في
(٢٣٠)