قال لله على هدى أو على هدى فله الخيار ان شاء ذبح شاة وان شاء نحر جزورا وان شاء ذبح بقرة لان اسم الهدى يقع على كل واحد من الأشياء الثلاثة لقوله فما استيسر من الهدى قيل في التفسير ان المراد منه الشاة وإذا كانت الشاة ما استيسر من الهدى فلا بد وأن يكون من الهدى ما لا يكون مستيسرا وهو الإبل والبقر وقد روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لما سئل عن الهدى أدناه شاة وإذا كانت الشاة أدنى الهدى كان أعلاه الإبل والبقر ضرورة وقد روى عن علي رضي الله عنه أنه قال الهدى من ثلاثة والبدنة من اثنين ولان مأخذ الاسم دليل عليه لان الهدى اسم لما يهدى أي ينقل ويحول وهذا المعنى يوجد في الغنم كما يوجد في الإبل والبقر ويجوز سبع البدنة عن الشاة لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال البدنة تجزى عن سبعة والبقرة تجزى عن سبعة ولو قال لله على بدنة فان شاء نحر جزورا وان شاء ذبح بقرة عندنا وقال الشافعي لا يجوز الا الجزور (وجه) قوله إن البدنة في اللغة اسم للجمل والدليل عليه قوله تعالى والبدن جعلناها لكم من شعائر الله ثم فسرها بالإبل بقول عز وجل فاذكروا اسم الله عليها صواف أي قائمة مصطفة والإبل هي التي تنحر كذلك فاما البقر فإنها تذبح مضجعة وروينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال البدنة تجزى عن سبعة والبقرة تجزئ عن سبعة حتى قال جابر نحرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة ميز بين البدنة والبقرة فدل أنهما غيران (ولنا) ما روينا عن علي رضي الله عنه أنه قال الهدى من ثلاثة والبدنة من اثنين وهذا نص وعن ابن عباس رضي الله عنه أن رجلا سأله وقال إن رجلا صاحبا لنا أوجب على نفسه بدنة أفتجزيه البقرة فقال له ابن عباس رضي الله عنه مم صاحبكم قال من بنى رباح فقال متى اقتنت بنو أرباح البقر إنما البقر للأزد وإنما وهم صاحبكم الإبل ولو لم يقع اسم البدنة على البقر لم يكن لسؤاله معنى ولما سأله فقد أوقع الاسم على الإبل والبقر لكن أوجب على الناذر الإبل لإرادته ذلك ظاهرا ولان البدنة مأخوذة من البدانة وهي الضخامة وانها توجد فيهما ولهذا استويا في الجواز عن سبعة ولا حجة له في الآية لان فيها جواز اطلاق اسم البدنة على الإبل ونحن لا ننكر ذلك وأما قوله إنه وقع التمييز بين البدنة والبقرة في الحديث فممنوع لان ذكر البقرة ما خرج على التمييز بل على التأكيد كما في قوله عز وجل وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم وكما في قول القائل جانى أهل قرية كذا فلان وفلان على أن ظاهر العطف ان أول على التغيير والتسوية بينهما في جواز كل واحد منهما عن سبعة يدل على الاتحاد في المعنى ولا حجة مع التعارض ولو قال لله على جزور فعليه أن ينحر بعيرا لان اسم الجزور لا يقع الا على الإبل ويجوز ايجاب الهدى مطلقا ومعلقا بشرط بأن يقول إن فعلت كذا فلله على هدى ولو قال هذه الشاة هدى إلى بيت الله أو إلى الكعبة أو إلى مكة أو إلى الحرم أو إلى المسجد الحرام أو إلى الصفا والمروة فالجواب فيه كالجواب في قوله على المشي إلى بيت الله تعالى أو إلى كذا وكذا على الاتفاق والاختلاف ولو أوجب على نفسه أن يهدى مالا بعينه من الثياب وغيرها مما سوى النعم جاز وعليه أن يتصدق به أو بقيمته والأفضل أن يتصدق على فقراء مكة ولو تصدق بالكوفة جاز واما في النعم من الإبل والبقر والغنم فلا يجوز ذبحه الا في الحرم فيذبح في الحرم ويتصدق بلحمه على فقراء مكة هو الأفضل ولو تصدق على غير فقراء مكة جاز كذا ذكر في الأصل وإنما كان كذلك لان معنى القربة في الثياب في عينها وهو التصدق بها والصدقة لا تختص بمكان كسائر الصدقات فاما معنى القربة في الهدى من النعم في الإراقة شرعا والإراقة لم تعرف قربة في الشرع الا في مكان مخصوص أو زمان مخصوص والشرع أوجب الإراقة ههنا في الحرم بقوله تعالى هديا بالغ الكعبة حتى إذا ذبح الهدى جاز له أن يتصدق بلحمه على فقراء غير أهل مكة لأنه لما صار لحما صار معنى القربة فيه في الصدقة كسائر الأموال ولو جعل شاة هديا أجزأه أن يهدى قيمتها في رواية أبى سليمان وفى رواية أبى حفص لا يجوز (وجه) رواية أبى سليمان اعتبار البدنة
(٢٢٤)