جناية كاملة فيوجب كفارة كاملة وتطييب ما دونه ارتفاق قاصر فيوجب كفارة قاصرة إذ الحكم يثبت على قدر السبب فان طيب مواضع متفرقة من كل عضو يجمع ذلك كله فإذا بلغ عضوا كاملا يجب عليه دم وان لم يبلغ فعليه صدقة لما قلنا وان طيب الأعضاء كلها فإن كان في مجلس واحد فعليه دم واحد لان جنس الجناية واحد حظرها احرام واحد من جهة غير متقومة فيكفيه دم واحد وإن كان في مجلسين مختلفين بان طيب كل عضو في مجلس على حدة فعليه لكل واحد دم في قول أبي حنيفة وأبى يوسف سواء ذبح للأول أو لم يذبح كفر للأول أو لم يكفر وقال محمد ان ذبح للأول فكذلك وان لم يذبح فعليه دم واحد والاختلاف فيه كالاختلاف في الجماع بان جامع قبل الوقوف بعرفة ثم جامع أنه إن كان ذلك في مجلس واحد يجب على كل واحد منهما دم واحد وإن كان في مجلسين مختلفين يجب على كل واحد منهما دمان في قول أبي حنيفة وأبى يوسف وعند محمد ان ذبح للأول فعليه دم آخر وان لم يذبح يكفي دم واحد قياسا على كفارة الافطار في شهر رمضان وسنذكر المسألة إن شاء الله تعالى ولو ادهن بدهن فإن كان الدهن مطيبا كدهن البنفسج والورد والزئبق والبان والحرى وسائر الادهان التي فيها الطيب فعليه دم إذا بلغ عضوا كاملا وحكى عن الشافعي ان البنفسج ليس بطيب وانه غير سديد لأنه دهن مطيب فأشبه البان وغيره من الادهان المطيبة وإن كان غير مطيب بان ادهن بزيت أو بشيرج فعليه دم في قول أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد عليه صدقة وقال الشافعي ان استعمله في شعره فعليه دم وان استعمله في بدنه فلا شئ عليه احتجا بما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ادهن بزيت وهو محرم ولو كان ذلك موجبا للدم لما فعل صلى الله عليه وسلم لأنه ما كان يفعل ما يوجب الدم ولان غير المطيب من الادهان يستعمل استعمال الغذاء فأشبه اللحم والشحم والسمن الا انه يوجب الصدقة لأنه يقتل الهوام لا لكونه طيبا ولأبي حنيفة ما روى عن أم حبيبة رضي الله عنها انه لما نعى إليها وفاة أخيها قعدت ثلاثة أيام ثم استدعت بزنة زيت وقالت مالي إلى الطيب من حاجة لكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاثة أيام الا على زوجها أربعة أشهر وعشرا سمت الزيت طيبا ولأنه أصل الطيب بدليل انه يطيب بالقاء الطيب فيه فإذا استعمله على وجه الطيب كان كسائر الادهان المطيبة ولأنه يزيل الشعث الذي هو علم الاحرام وشعاره على ما نطق به الحديث فصار جارحا احرامه بإزالة علمه فتكاملت جنايته فيجب الدم والحديث محمول على حال الضرورة لأنه صلى الله عليه وسلم كما كان لا يفعل ما يوجب الدم كان لا يفعل ما يوجب الصدقة وعندهما تجب الصدقة فكان المراد منه حالة العذر والضرورة ثم إنه ليس فيه انه لم يكفر فيحتمل انه فعل وكفر فلا يكون حجة ولو داوى بالزيت جرحه أو شقوق رجليه فلا كفارة عليه لأنه ليس بطيب بنفسه وإن كان أصل الطيب لكنه ما استعمله على وجه الطيب فلا تجب به الكفارة بخلاف ما إذا تداوى بالطيب لا للتطيب انه تجب به الكفارة لأنه طيب في نفسه فيستوي فيه استعماله للتطيب أو لغيره وذكر محمد في الأصل وان دهن شقاق رجليه طعن عليه في ذلك فقيل الصحيح شقوق رجليه وإنما قال محمد ذلك اقتداء بعمر بن الخطاب رضي الله عنه فإنه قال هكذا في هذه المسألة ومن سيرة أصحابنا الاقتداء بألفاظ الصحابة ومعاني كلامهم رضي الله عنهم وان ادهن بشحم أو سمن فلا شئ عليه لأنه ليس بطيب في نفسه ولا أصل للطيب بدليل انه لا يطيب بالقاء الطيب فيه ولا يصير طيبا بوجه وقد قال أصحابنا ان الأشياء التي تستعمل في البدن على ثلاثة أنواع نوع هو طيب محض معد للتطيب به كالمسك والكافور والعنبر وغير ذلك وتجب به الكفارة على أي وجه استعمل حتى قالوا لو داوى عينه بطيب تجب عليه الكفارة لأن العين عضو كامل استعمل فيه الطيب فتجب الكفارة ونوع ليس بطيب بنفسه ولا فيه معنى الطيب ولا يصير طيبا بوجه كالشحم فسواء أكل أو ادهن به أو جعل في شقاق الرجل لا تجب الكفارة ونوع ليس بطيب بنفسه لكنه أصل الطيب يستعمل على وجه الطيب ويستعمل على وجه الادام كالزيت والشيرج فيعتبر فيه الاستعمال فان استعمل استعمال الادهان في البدن يعطى له حكم الطيب وان
(١٩٠)