لو سافر بها لم يكن للزوج منعها فكذا إذ أذن لها في السفر وأما بيان ما يتحلل به فالتحلل عن هذا النوع من الاحصار يقع بفعل الزوج والمولى أدنى محظورات الاحرام من قص ظفرهما أو تطييبهما أو بفعلهما ذلك بأمر الزوج والمولى أو بامتشاط الزوجة رأسها بأمر الزوج أو تقبيلها أو معانقتها فتحل بذلك والأصل فيه ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها حين حاضت في العمرة امتشطى وارفضى عنك العمرة ولان التحلل صار حقا عليهما للزوج والمولى فجاز بمباشرتهما أدنى ما يحظره الاحرام ولا يكون التحلل بقوله حللتك لان هذا تحليل من الاحرام فلا يقع بالقول كالرجل الحر إذا أحصر فقال حللت نفسي وأما وجوب قضاء ما أحرم به بعد التحلل فجملة الكلام فيه أن المحصر لا يخلوا ما إن كان أحرم بالحجة لا غير واما إن كان أحرم بالعمرة لا غير واما كان أحرم بهما بأن كان قارنا فإن كان أحرم بالحجة لا غير فان بقي وقت الحج عند زوال الاحصار وأراد أن يحج من عامه ذلك أحرم وحج وليس عليه نية القضاء ولا عمرة عليه كذا ذكره محمد في الأصل وذكر ابن أبي مالك عن أبي يوسف عن أبي حنيفة وعليه دم لرفض الاحرام الأول وان تحولت السنة فعليه قضاء حجة وعمرة ولا تسقط عنه تلك الحجة الا بنية القضاء وروى الحسن عن أبي حنيفة أن عليه قضاء حجة وعمرة في الوجهين جميعا وعليه نية القضاء فيهما وهو قول زفر ذكره القاضي في شرحه مختصر الطحاوي وعلى هذا التفصيل والاختلاف ما إذا أحرمت المرأة بحجة التطوع بغير اذن زوجها فمنعها زوجها فحللها ثم أذن لها بالاحرام فأحرمت في عامها ذلك أو تحولت السنة فأحرمت وجه قول زفر ان ما تحجه في هذا العام دخل في حد القضاء لأنه يؤدى باحرام جديد لانفساخ الأول بالتحلل فيكون قضاء فلا يتأدى الا بنية القضاء وعليه حجة وعمرة كما لو تحولت السنة ولنا أن القضاء اسم للفائت عن الوقت ووقت الحج باق فكان فعل الحج فيه أداء لا قضاء فلا يفتقر إلى نية القضاء ولا تلزمه العمرة لان لزومها لفوات الحج في عامه ذلك ولم يفت وقال الشافعي عليه قضاء حجة لا غير وان تحولت السنة واحتج بما روى عن ابن عباس أنه قال حجة بحجة وعمرة بعمرة وهو المعنى له في المسألة ان القضاء يكون مثل الفائت والفائت هو الحجة لا غير فمثلها الحجة لا غير وروينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من كسر أو عرج حل وعليه الحج من قابل ولم يذكر العمرة ولو كانت واجبة لذكرها ولنا الأثر والنظر أما الأثر فما روى عن ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهما أنهما قالا في المحصر بحجة يلزمه حجة وعمرة وأما النظر فلان الحج قد وجب عليه بالشروع ولم يمض فيه بل فاته في عامه ذلك وفائت الحج يتحلل بأفعال العمرة فان قيل فائت الحج يتحلل بالطواف لا بالدم والمحصر قد حل بالدم وقام الدم مقام الطواف من الذي يفوته الحج فكيف يلزمه طواف آخر فالجواب أن الدم الذي حل به المحصر ما وجب بدلا عن الطواف ليقال إنه قام مقام الطواف فلا يجب عليه طواف آخر وإنما وجب لتعجيل الاحلال لان المحصر لو لم يبعث هديا لبقي على احرامه مدة مديدة وفيه حرج وضرر فجعل له أن يتعجل الخروج من احرامه ويؤخر الطواف الذي لزمه بدم يهريقه فحل بالدم ولم يبطل الطواف وإذا لم يبطل الدم عنه الطواف ولم يجعل بدلا عنه فعليه أن يأتي به باحرام جديد فيكون ذلك عمرة والدليل على أن دم الاحصار ما وجب بدلا عن الطواف الذي يتحلل به فائت لحج ان فائت الحج لو أراد أن يفسخ الطواف الذي لزمه بدم يريقه بدلا عنه ليس له ذلك بالاجماع فثبت أن دم الاحصار لتعجيل الاحلال به لابد لا عن الطواف فاندفع الاشكال بحمد الله تعالى ومنه وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان ثبت فهو تمسك بالمسكوت لان قوله حجة بحجة وعمرة بعمرة يقتضى وجوب الحجة بالحجة والعمرة بالعمرة وهذا لا ينفى وجوب العمرة والحجة بالحجة ولا يقتضى أيضا فكان مسكوتا عنه فيقف على قيام الدليل وقد قام دليل الوجوب وهو ما ذكرنا وهو كقوله تعالى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى أنه لا ينفى قتل الحر بالعبد والأنثى بالذكر بالاجماع كذا هذا ويحمل على فائت الحج وهو الذي لم يدرك الوقوف بعرفة بدليل أنه يتحلل بأفعال العمرة وعليه قضاء الحج من قابل ولا عمرة عليه وإن كان احرامه بالعمرة لا غير قضاها لوجوبها بالشروع في أي وقت شاء لأنه ليس لها وقت
(١٨٢)