الله تعالى وهذا هو المعقول لان الضرورة سبب لتخفيف الحكم وتيسيره فالمعقول ان يجب في حال الاختيار بذلك السبب زيادة غلظ لم يكن في حال العذر فاما ان يسقط من الأصل في غير حالة العذر ويجب في حالة العذر فممتنع ولا حجة لهم في الحديث لان قوله لا حرج المراد منه الاثم لا الكفارة وليس من ضرورة انتفاء الاثم انتفاء الكفارة ألا ترى ان الكفارة تجب على من حلق رأسه لأذى به ولا اثم عليه وكذا يجب على الخاطئ فإذا حلق الحاج أو قصر حل له كل شئ حظر عليه الاحرام الا النساء عند عامة العلماء لما ذكرنا فيما تقدم ثم يزور البيت من يومه ذلك أو من الغد أو بعد الغد ولا يؤخرها عنها وأفضلها أولها لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف في أول أيام النحر فيطوف أسبوعا لان النبي صلى الله عليه وسلم هكذا طاف وعليه عمل المسلمين ولا يرمل في هذا الطواف لأنه لا سعى عقيبه لأنه قد طاف طواف اللقاء وسعى عقيبه حتى لو لم يكن طاف طواف اللقاء ولا سعى فإنه يرمل في طواف الزيارة ويسعى بين الصفا والمروة عقيب طواف الزيارة ولو أخره عن أيام النحر فعليه دم في قول أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد لا شئ عليه والمسألة قد مضت فإذا طاف طواف الزيارة كله أو أكثره حل له النساء أيضا لأنه قد خرج من العبادة وما بقي عليه شئ من أركانها والأصل ان في الحج احلالين الاحلال الأول بالحق أو بالتقصير ويحل به كل شئ الا النساء والاحلال الثاني بطواف الزيارة ويحل به النساء أيضا ثم يرجع إلى منى ولا يبيت بمكة ولا في الطريق هو السنة لان النبي صلى الله عليه وسلم هكذا فعل ويكره ان يبيت في غير منى في أيام منى فان فعل لا شئ عليه ويكون مسيئا لان البيتوتة بها ليست بواجبة بل هي سنة وعند الشافعي يجب عليه الدم لأنها واجبة عنده واحتج بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله على الوجوب في الأصل ولنا ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ارخص للعباس ان يبيت بمكة للسقاية ولو كان ذلك واجبا لم يكن العباس يترك الواجب لأجل السقاية ولا كان النبي صلى الله عليه وسلم يرخص له في ذلك وفعل النبي صلى الله عليه وسلم محمول على السنة توفيقا بين الدليلين وإذا بات بمنى فإذا كان من الغد وهو اليوم الأول من أيام التشريق والثاني من أيام الرمي فإنه يرمى الجمار الثلاث بعد الزوال في ثلاث مواضع أحدها المسمى بالجمرة الأولى وهي التي تلي مسجد الخيف وهو مسجد إبراهيم عليه الصلاة والسلام فيرمى عندها سبع حصيات مثل حصى الخزف يكبر مع كل حصاة فإذا فرغ منها يقف عندها فيكبر ويهلل ويحمد الله تعالى ويثنى عليه ويصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ويسأل الله تعالى حوائجه ثم يأتي الجمرة الوسطى فيفعل بها مثل ما فعل بالأولى ويرفع يديه عند الجمرتين بسطا ثم يأتي جمرة العقبة فيفعل مثل ما فعل بالجمرتين الأولتين الا انه لا يقف للدعاء بعد هذه الجمرة بل ينصرف إلى رحله لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى الجمار الثلاث في أيام التشريق وابتدأ بالتي تلي مسجد الخيف ووقف عند الجمرتين ولم يقف عند الثالثة واما رفع اليدين فلقول النبي صلى الله عليه وسلم لا ترفع الأيدي الا في سبع مواطن وذكر من جملتها وعند المقامين عند الجمرتين فإذا كان اليوم الثاني من أيام التشريق وهو اليوم الثالث من أيام الرمي رمى الجمار الثلاث بعد الزوال ففعل مثل ما فعل أمس فإذا رمى فان أراد ان ينفر من منى ويدخل مكة نفر قبل غروب الشمس ولا شئ عليه لقوله تعالى فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه وان أقام ولم ينفر حتى غربت الشمس يكره له أن ينفر حتى تطلع الشمس من اليوم الثالث من أيام التشريق وهو اليوم الرابع من أيام الرمي ويرمى الجمار الثلاث ولو نفر قبل طلوع الفجر لا شئ عليه وقد أساء اما الجواز فلانه نفر في وقت لم يجب فيه الرمي بعد بدليل انه لو رمى فيه عن اليوم الرابع لم يجز فجاز فيه النفر كما لو رمى الجمار في الأيام كلها ثم نفروا ما الإساءة فلانه ترك السنة فإذا طلع الفجر من اليوم الثالث من أيام التشريق رمى الجمار الثلاث ثم ينفر فان نفر قبل الرمي فعليه دم لأنه ترك الواجب وإذا أراد ان ينفر في النفر الأول أو في النفر الثاني فإنه يحمل ثقله معه ويكره تقديمه لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال المرء من حيث رحله وروى المرء من حيث أهله ولأنه لو فعل ذلك يشتغل قلبه بذلك ولا يخلو من ضرر وقد روى عن عمر رضي الله عنه انه كان يضرب على ذلك وحكى عن إبراهيم النخعي ان عمر رضي الله عنه
(١٥٩)