مقبوض فإن كان دينا فلم يقبضه حتى طلقها قبل الدخول بها سقط نصف المسمى بالطلاق وبقى النصف هذا طريق عامة المشايخ وقال بعضهم ان الطلاق قبل الدخول يسقط جميع المسمى وإنما يجب نصف آخر ابتداء على طريقة المتعة لا بالعقد الا ان هذه المتعة مقدرة بنصف المسمى والمتعة في الطلاق قبل الدخول في نكاح لا تسمية فيه غير مقدرة بنصف مهر المثل والى هذا الطريق ذهب الكرخي والرازي وكذا روى عن إبراهيم النخعي أنه قال في الذي طلق قبل الدخول وقد سمى لها ان لها نصف المهر وذلك متعتها واحتجوا بقوله عز وجل يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل إن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن أوجب الله تعالى المتعة في الطلاق قبل الدخول من غير فصل بين ما إذا كان في النكاح تسمية أو لم يكن إلا أن هذه المتعة قدرت بنصف المسمى بدليل آخر وهو قوله عز وجل فنصف ما فرضتم ولان النكاح انفسخ بالطلاق قبل الدخول لان المعقود عليه عاد سليما إلى المرأة وسلامة المبدل لاحد المتعاقدين يقتضى سلامة البدل للآخر كما في الإقالة في باب البيع قبل القبض وهذا لان المبدل إذا عاد سليما إلى المرأة فلو لم تسلم البدل إلى الزوج لاجتمع البدل والمبدل في ملك واحد في عقد المعاوضة وهذا لا يجوز ولهذا المعنى سقط الثمن عن المشترى بالإقالة قبل القبض كذا المهر ولعامة المشايخ قوله عز وجل وان طلقتموهن من قبل إن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم أوجب سبحانه وتعالى نصف المفروض فايجاب نصف آخر على طريق المتعة ايجاب ما ليس بمفروض وهذا خلاف النص ولان الطلاق تصرف في الملك بالابطال وضعا لأنه موضوع لرفع القيد وهو الملك فكان تصرفا في الملك ثم إذا بطل الملك لا يبقى النكاح في المستقبل وينتهي لعدم فائدة البقاء ويتقرر فيما مضى بمنزلة الاعتاق لأنه إسقاط الملك فيكون تصرفا في الملك ثم السبب ينتهى في المستقبل لعدم فائدة البقاء ويتقرر فيما مضى كذا الطلاق وكان ينبغي ان لا يسقط شئ من المهر كما لا يسقط بالموت الا ان سقوط النصف ثبت بدليل ولان المهر يجب بأحداث ملك المتعة جبرا للذل بالقدر الممكن وبالطلاق لا يتبين ان الملك لم يكن الا انه سقط بالنص وأما النص فقد قيل إنه منسوخ بالنص الذي في سورة البقرة وهو قوله عز وجل وان طلقتموهن الآية أو يحمل الامر بالتمتع على الندب والاستحباب أو يحمل على الطلاق في نكاح لا تسمية فيه عملا بالدلائل وقولهم الطلاق فسخ النكاح ممنوع بل هو تصرف في الملك بالقطع والابطال فيظهر أثره في المستقبل كالاعتاق وبه تبين ان المعقود عليه ما عاد إلى المرأة لان المعقود عليه هو ملك المتعة وانه لا يعود إلى المرأة بل يبطل ملك الزوج عن المتعة بالطلاق ويصير لها في المستقبل الا ان يعود أو يقال إن الطلاق قبل الدخول يشبه الفسخ لما قالوا ويشبه الابطال لما قلنا وشبه الفسخ يقتضى سقوط كل البدل كما في الإقالة قبل القبض وشبه الابطال يقتضى ان لا يسقط شئ من البدل كما في الاعتاق قبل القبض فيتنصف توفير الحكم على الشبهين عملا بهما بقدر الامكان والدليل على صحة هذا الطريق ما ظهر من القول عن أصحابنا فيمن تزوج امرأة على خمس من الإبل السائمة وسلمها إلى المرأة فحال عليها الحول ثم طلقها قبل الدخول بها انه يسقط عنها نصف الزكاة ولو سقط المسمى كله ثم وجب نصفه بسبب آخر لسقط كل الزكاة ولان القول بسقوط كل المهر ثم يوجب نصفه غير مفيد والشرع لا يرد بما لا فائدة فيه والله عز وجل أعلم ولو شرط مع المسمى الذي هو مال ما ليس بمال بان تزوجها على ألف درهم وعلى أن يطلق امرأته الأخرى أو على أن لا يخرجها من بلدها ثم طلقها قبل الدخول بها فلها نصف المسمى وسقط الشرط لان هذا شرط إذا لم يقع الوفاء به يجب تمام مهر المثل ومهر المثل لا يثبت في الطلاق قبل الدخول فسقط اعتباره فلم يبق الا المسمى فيتنصف وكذلك ان شرط مع المسمى شيئا مجهولا كما إذا تزوجها على ألف درهم وكرامتها أو على ألف درهم وان يهدى إليها هدية ثم طلقها قبل الدخول بها فلها نصف المسمى لأنه إذا لم يف بالكرامة والهدية يجب تمام مهر المثل ومهر المثل لا مدخل له في الطلاق قبل الدخول فسقط اعتبار هذا الشرط وكذلك لو تزوجها على الف أو على الفين حتى وجب مهر المثل في قول أبي حنيفة وفى قولهما الأقل ثم طلقها قبل الدخول بها فلها نصف الألف بالاجماع
(٢٩٧)