ليست بنكاح ولا بملك يمين فيبقى التحريم والدليل على أنها ليست بنكاح انها ترتفع من غير طلاق ولا فرقة ولا يجرى التوارث بينهما فدل انها ليست بنكاح فلم تكن هي زوجة له وقوله تعالى في آخر الآية فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون سمى مبتغى ما وراء ذلك عاديا فدل على حرمة الوطئ بدون هذين الشيئين وقوله عز وجل ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء وكان ذلك منهم إجازة الإماء نهى الله عز وجل عن ذلك وسماه بغاء فدل على الحرمة وأما السنة فما روى عن علي رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الانسية وعن سمرة الجهني رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم فتح مكة وعن عبد الله بن عمر أنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن متعة النساء وعن لحوم الحمر الأهلية وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قائما بين الركن والمقام وهو يقول إني كنت أذنت لكم في المتعة فمن كان عنده شئ فليفارقه ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا فان الله قد حرمها إلى يوم القيامة وأما الاجماع فان الأمة بأسرهم امتنعوا عن العمل بالمتعة مع ظهور الحاجة لهم إلى ذلك وأما المعقول فهو أن النكاح ما شرع لاقتضاء الشهوة بل لأغراض ومقاصد يتوسل به إليها واقتضاء الشهوة بالمتعة لا يقع وسيلة إلى المقاصد فلا يشرع وأما الآية الكريمة فمعنى قوله فما استمتعتم به منهن أي في النكاح لان المذكور في أول الآية وآخرها هو النكاح فان الله تعالى ذكر أجناسا من المحرمات في أول الآية في النكاح وأباح ما وراءها بالنكاح بقوله عز وجل وأحل لكم ما وراء ذلكم ان تبتغوا بأموالكم أي بالنكاح وقوله تعالى محصنين غير مسافحين أي غير متناكحين غير زانين وقال تعالى في سياق الآية الكريمة ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات ذكر النكاح لا الإجارة والمتعة فيصرف قوله تعالى فما استمتعتم به إلى الاستمتاع بالنكاح وأما قوله سمى الواجب أجرا فنعم المهر في النكاح يسمى أجرا قال الله عز وجل فانكحوهن باذن أهلهن وآتوهن أجورهن أي مهورهن وقال سبحانه وتعالى يا أيها النبي انا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وقوله أمر تعالى بايتاء الاجر بعد الاستمتاع بهن والمهر يجب بنفس النكاح ويؤخذ قبل الاستمتاع قلنا قد قيل في الآية الكريمة تقديم وتأخير كأنه تعالى قال فآتوهن أجورهن إذا استمتعتم به منهن أي إذا أردتم الاستمتاع بهن كقوله تعالى يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن أي إذا أردتم تطليق النساء على أنه إن كان المراد من الآية الإجارة والمتعة فقد صارت منسوخة بما تلونا من الآيات وروينا من الأحاديث وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن قوله فما استمتعتم به منهن نسخة قوله عز وجل يا أيها النبي إذا طلقتم النساء وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال المتعة بالنساء منسوخة نسختها آية الطلاق والصداق والعدة والمواريث والحقوق التي يجب فيها النكاح أي النكاح هو الذي تثبت به هذه الأشياء ولا يثبت شئ منها بالمتعة والله أعلم وأما الثاني فهو أن يقول أتزوجك عشرة أيام ونحو ذلك وانه فاسد عند أصحابنا الثلاثة وقال زفر النكاح جائز وهو مؤبد والشرط باطل وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أنه قال إذا ذكرا من المدة مقدار ما يعيشان إلى تلك المدة فالنكاح باطل وان ذكرا من المدة مقدار مالا يعيشان إلى تلك المدة في الغالب يجوز النكاح كأنهما ذكرا الأبد (وجه) قوله إنه ذكر النكاح وشرط فيه شرطا فاسدا والنكاح لا تبطله الشروط الفاسدة فبطل الشرط وبقى النكاح صحيحا كما إذا قال تزوجتك إلى أن أطلقك إلى عشرة أيام (ولنا) أنه لو جاز هذا العقد لكان لا يخلو اما ان يجوز مؤقتا بالمدة المذكورة واما ان يجوز مؤبدا لا سبيل إلى الأول لان هذا معنى المتعة الا أنه عبر عنها بلفظ النكاح والتزوج والمعتبر في العقود معانيها لا الألفاظ كالكفالة بشرط براءة الأصيل انها حوالة معنى لوجود الحوالة وان لم يوجد لفظها والمتعة منسوخة ولا وجه للثاني لان فيه استحقاق البضع عليها من غير رضاها وهذا لا يجوز وأما قوله أتى بالنكاح ثم أدخل عليه شرطا فاسدا
(٢٧٣)