تنبئ عن الشرف والعزة وكمال الحال فنكاح الأمة على الحرة ادخال على الحرة من لا يساويها في القسم وذلك يشعر بالاستهانة والحاق الشين ونقصان الحال وهذا لا يجوز وسواء كان المتزوج حرا أو عبدا عندنا لان ما روينا من الحديث وذكرنا من المعنى لا يوجب الفصل وعند الشافعي يجوز للعبد أن يتزوج أمة على حرة بناء على أن عدم الجواز للحر عنده لعدم شرط الجواز وهو عدم طول الحرة وهذا شرط جواز نكاح الأمة عنده في حق الحر لا في حق العبد لما نذكر إن شاء الله تعالى وكذا خلو الحرة عن العدة شرط جواز نكاح الأمة عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يجوز ان يتزوج أمة على حرة تعتد من طلاق بائن أو ثلاث (وجه) قولهما ان المحرم ليس هو الجمع بين الحرة والأمة بدليل أنه لو تزوج أمة ثم تزوج حرة جاز وقد حصل الجمع وإنما المحرم هو نكاح الأمة على الحرة وقال صلى الله عليه وسلم لا تنكح الأمة على الحرة ولا يتحقق النكاح عليها بعد البينونة ألا ترى أنه لو حلف لا يتزوج على امرأته فتزوج بعد ما أبانها في عدتها لا يحنث ولأبي حنيفة ان نكاح الأمة في عدة الحرة نكاح عليها من وجه لان بعض آثار النكاح قائم فكان النكاح قائما من وجه فكان نكاحها عليها من وجه والثابت من وجه ملحق بالثابت من كل وجه في باب الحرمات احتياطا فيحرم كنكاح الأخت في عدة الأخت ونحو ذلك مما بينا فيما تقدم وأما عدم طول الحرة وهو القدرة على مهر الحرة وخشية العنت فليس من شرط جواز نكاح الأمة عند أصحابنا والحاصل ان من شرائط جواز نكاح الأمة عند أبي حنيفة أن لا يكون في نكاح المتزوج حرة ولا في عدة حرة وعندهما خلو الحرة عن عدة البينونة ليس بشرط لجواز نكاح الأمة وعند الشافعي من شرائط جواز نكاح الأمة أن لا يكون في نكاحه حرة وأن لا يكون قادرا على مهر الحرة وأن يخشى العنت حتى إذا كان في ملكه أمة يطؤها بملك اليمين جاز له أن يتزوج أمة عندنا وعنده لا يجوز لعدم خشية العنت وكذلك الحر يجوز له أن يتزوج أكثر من أمة واحدة عندنا وعنده إذا تزوج أمة واحدة لا يجوز له أن يتزوج أمة أخرى لزوال خشية العنت بالواحدة ولا خلاف في أن طول الحرة لا يمنع العبد من نكاح الأمة احتج الشافعي بقوله تعالى ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات ومن كلمة شرط فقد جعل الله عز وجل العجز عن طول الحرة شرطا لجواز نكاح الأمة فيتعلق الجواز به كما في قوله تعالى فمن لم يستطع فاطعام ستين مسكينا ونحو ذلك وقال تعالى ذلك لمن خشي العنت منكم وهو الزنا شرط سبحانه وتعالى خشية العنت لجواز نكاح الأمة فيتقيد الجواز بهذا الشرط أيضا ولأن جواز نكاح الإماء في الأصل ثبت بطريق الضرورة لما يتضمن نكاحهن من ارقاق الحر لان ماء الحر حر تبعا له وكان في نكاح الحر الأمة ارقاق حر جزأ والى هذا أشار عمر رضي الله عنه فيما روى عنه أنه قال أيما حر تزوج أمة فقد أرق نصفه وأيما عبد تزوج حرة فقد أعتق نصفه ولا يجوز ارقاق الجزء من غير ضرورة ولهذا إذا كان تحته حرة لا يجوز نكاح الأمة وهذا لان الارقاق اهلاك لأنه يخرج به من أن يكون منتفعا به في حق نفسه ويصير ملحقا بالبهائم وهلاك الجزء من غير ضرورة لا يجوز كقطع اليد ونحو ذلك ولا ضرورة حالة القدرة على طول الحرة فبقي الحكم فيها على هذا الأصل ولهذا لم يجز إذا كانت حرة لارتفاع الضرورة بالحرة بخلاف ما إذا كان المتزوج عبدا لان نكاحه ليس ارقاق الحر لان ماءه رقيق تبعا له وارقاق الرقيق لا يتصور ولنا عمومات النكاح نحو قوله تعالى وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم وقوله عز وجل فانكحوهن باذن أهلهن وقوله عز وجل وأحل لكم ما وراء ذلكم من غير فضل بين حال القدرة على مهر الحرة وعدمها ولان النكاح عقد مصلحة في الأصل لاشتماله على المصالح الدينية والدنيوية فكان الأصل فيه هو الجواز إذا صدر من الأهل في المحل وقد وجدوا الآية ففيها إباحة نكاح الأمة عند عدم طول الحرة وهذا لا ينفى الإباحة عند وجود
(٢٦٧)