بالامر ثم فيها أمر الله تعالى من اخراج الزكاة من الغنم يجوز اخراج القيمة فيه كذا في النذور (وجه) رواية أبى حفص ان القربة تعلقت بشيئين إراقة الدم والتصدق باللحم ولا يوجد في القيمة الا أحدهما وهو التصدق ويجوز ذبح الهدايا في أي موضع شاء من الحرم ولا يختص بمنى ومن الناس من قال لا يجوز الا بمنى والصحيح قولنا لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال منى كلها منحر وفجاج مكة كلها منحر وعن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال الحرم كله منحر وقد ذكرنا أن المراد من قوله عز وجل ثم محلها إلى البيت العتيق الحرم وأما البدنة إذا أوجبها بالنذر فإنه ينحرها حيث شاء الا إذا نوى أن ينحر بمكة فلا يجوز نحرها الا بمكة وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف أرى أن ينحر البدن بمكة لقوله عز وجل ثم محلها إلى البيت العتيق أي الحرم (ولهما) أنه ليس في لفظ البدنة ما يدل على امتياز المكان لأنه مأخوذ من البدانة وهي الضخامة يقال بدن الرجل أي ضخم وقد قيل في بعض وجوه التأويل لقوله تعالى ذلك ومن يعظم شعائر الله أن تعظيمها استسمانها ولو أوجب جزأ فهو من الإبل خاصة ويجوز أن ينحر في الحرم وغيره ويتصدق بلحمه ويجوز ذبح الهدايا قبل أيام النحر والجملة فيه أن دم النذر والكفارة وهدى التطوع يجوز قبل أيام النحر ولا يجوز دم المتعة والقران والأضحية ويجوز دم الاحصار في قول أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد لا يجوز وأدنى السن الذي يجوز في الهدايا ما يجوز في الضحايا وهو الثنى من الإبل والبقر والمعز والجذع من الضأن إذا كان عظيما وبيان ما يجوز في ذلك وما لا يجوز من بيان شرائط الجواز موضعه كتاب الأضحية ولا يحل الانتفاع بظهرها وصوفها ولبنها الا في حال الاضطرار لقوله تعالى لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق قيل في بعض وجوه التأويل لكم فيها منافع من ظهورها وألبانها وأصوافها إلى أجل مسمى أي إلى أن تقلد وتهدى ثم محلها إلى البيت العتيق أي ثم محلها إذا قلدت وأهديت إلى البيت العتيق لأنها ما لم تبلغ محلها فالقربة في التصدق بها فإذا بلغت محلها فحينئذ تتعين القربة فيها بالإرادة فان قيل روى أن رجلا كان يسوق بدنة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اركبها ويحك فقال إنها بدنة يا رسول الله فقال اركبها ويحك وقيل ويحك كلمة ترحم وويلك كلمة تهدد فقد أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم ركوب الهدى والجواب انه روى أن الرجل كان قد أجهده السير فرخص له النبي صلى الله عليه وسلم وعندنا يجوز الانتفاع بها في مثل تلك الحالة ببدل لأنه يجوز الانتفاع بملك الغير في حالة الاضطرار ببدل وكذا في الهدايا إذا ركبها وحمل عليها للضرورة يضم ما نقصها الحمل والركوب وينضح ضرعها لأنه إذا لم يجز له الانتفاع بلبنها فلبنها يؤذيها فينضح بالماء حتى يتقلص ويرقى لبنها وما حلب قبل ذلك يتصدق به إن كان قائما وإن كان مستهلكا يتصدق بقيمته لان اللبن جزء من أجزائها فيجب صرفه إلى القربة كما لو ولدت ولدا انها تذبح ويذبح ولدها كذا هذا فان عطب الهدى في الطريق قبل أن يبلغ محله فإن كان واجبا نحره وهو لصاحبه يصنع به ما شاء وعليه هدى مكانه وإن كان تطوعا نحره وغمس نعله بدمه ثم ضرب صفة سنامه وخلى بينه وبين الناس يأكلونه ولا يأكل هو بنفسه ولا يطعم أحدا من الأغنياء والفرق بين الواجب والتطوع انه إذا كان واجبا فالمقصود منه اسقاط الواجب فإذا انصرف من تلك الجهة كان له ان يفعل به ما شاء وعليه هدى آخر مكانه لان الأول لما لم يقع عن الواجب التحق بالعدم فبقي الواجب في ذمته بخلاف التطوع ولان القربة قد تعينت فيه وليس عليه غير ذلك وإنما قلنا إنه ينحره ويفعل به ما ذكرنا لما ذكرنا ولما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه بعث هديا على يد ناجية بن جندب الأسلمي فقال يا رسول الله ان أزحف منها أي قامت من الاعياء وفى رواية قال ما أفعل بما يقوم على فقال النبي صلى الله عليه وسلم انحرها واصبغ نعلها بدمها ثم اضرب به صفحة سنامها وخل بينها وبين الفقراء ولا تأكل منها أنت ولا أحد من رفقتك وإنما لا يحل له أن يأكل كل منها وله أن يطعم الأغنياء لان القربة كانت في ذبحه إذا بلغ محله فإذا لم يبلغ كانت القربة في التصدق
(٢٢٥)