أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يجزى ذلك عن الامر نستحسن وندع القياس فيه ولا يضمن فيه دم القران على الحاج وجه قولهما انه فعل المأمور به وزاد خيرا فكان مأذونا في الزيادة دلالة فلم يكن مخالفا كمن قال لرجل اشتر لي هذا العبد بألف درهم فاشتراه بخمسمائة أو قال بع هذا العبد بألف درهم فباعه بألف وخمسمائة يجوز وينفذ على الآمر لما قلنا كذا هذا وعليه دم القران لان الحاج إذا قرن باذن المحجوج عنه كان الدم على الحاج لما نذكر ولأبي حنيفة انه لم يأت بالمأمور به لأنه أمر بسفر يصرفه إلى الحج لا غير ولم يأت به فقد خالف أمر الآمر فضمن ولو أمره أن يحج عنه فاعتمر ضمن لأنه خالف ولو اعتمر ثم حج من مكة يضمن النفقة في قولهم جميعا لامره له بالحج بسفر وقد أتى بالحج من غير سفر لأنه صرف سفره الأول إلى العمرة فكان مخالفا فيضمن النفقة ولو أمره بالحج عنه فجمع بين احرام الحج والعمرة فاحرم بالحج عنه وأحرم بالعمرة عن نفسه فحج عنه واعتمر عن نفسه صار مخالفا في ظاهر الرواية عن أبي حنيفة وعن أبي يوسف انه يقسم النفقة على الحج والعمرة ويطرح عن الحج ما أصاب العمرة ويجوز ما أصاب الحج وجه رواية أبى يوسف ان المأمور فعل ما أمر به وهو الحج عن الآمر وزاده احسانا حيث أسقط عنه بعض النفقة وجه ظاهر الرواية انه أمره بصرف كل السفر إلى الحج ولم يأت به لأنه أدى بالسفر حجا عن الا آمر وعمرة عن نفسه فكان مخالفا وبه تبين انه فعل ما أمر به وقوله إنه أحسن إليه حيث أسقط عنه بعض النفقة غير سديد لان غرض الا آمر في الحج عن الغير هو ثواب النفقة فاسقاطه لا يكون احسانا بل يكون إساءة ولو أمره أن يعتمر فاحرم بالعمرة واعتمر ثم أحرم بالحج بعد ذلك وحج عن نفسه لم يكن مخالفا لأنه فعل ما أمر به وهو أداء العمرة بالسفر وإنما فعل بعد ذلك الحج فاشتغاله به كاشتغاله بعمل آخر من التجارة وغيرها الا ان النفقة مقدار مقامه للحج من ماله لأنه عمل لنفسه وروى ابن سماعة عن محمد رحمه الله في الرقيات إذا حج عن الميت وطاف لحجه وسعى ثم أضاف إليه عمرة عن نفسه لم يكن مخالفا لأن هذه العمرة واجبة الرفض لوقوعها على مخالفة السنة على ما ذكرنا في فصل القران فكان وجودها والعدم بمنزلة واحدة ولو كان جمع بينهما ثم أحرم بهما ثم لم يطف حتى وقف بعرفة ورفض العمرة لم ينفعه ذلك وهو مع ذلك مخالف لأنه لما أحرم بهما جميعا فقد صار مخالفا في ظاهر الرواية على ما ذكرنا فوقعت الحجة عن نفسه فلا يحتمل التغيير بعد ذلك برفض العمرة ولو أمره رجل أن يحج عنه حجة وأمره رجل آخر أن يحج عنه فاحرم بحجة فهذا لا يخلو عن أحد وجهين اما ان أحرم بحجة عنهما جميعا واما ان أحرم بحجة عن أحدهما فان أحرم بحجة عنهما جميعا فهو مخالف ويقع الحج عنه ويضمن النفقة لهما إن كان أنفق من مالهما لان كل واحد منهما أمره بحج تام ولم يفعل فصار مخالفا لأمرهما فلم يقع حجه عنهما فيضمن لهما لان كل واحد منهما لم يرض بانفاق ماله فيضمن وإنما وقع الحج عن الحاج لان الأصل أن يقع كل فعل عن فاعله وإنما يقع لغيره بجعله فإذا خالف لم يصر لغيره فبقي فعله له ولو أراد أن يجعله لأحدهما لم يملك ذلك بخلاف الابن إذا أحرم بحجة عن أبويه انه يجزئه ان يجعله عن أحدهما لان الابن غير مأمور بالحج عن الأبوين فلا تتحقق مخالفة الآمر وإنما جعل ثواب الحج الواقع عن نفسه في الحقيقة لأبويه وكان من عزمه أن يجعل ثواب حجه لهما ثم نقض عزمه وجعله لأحدهما وههنا بخلافه لان الحاج متصرف بحكم الا آمر وقد خالف أمرهما فلا يقع حجه لهما ولا لأحدهما وان أحرم بحجة عن أحدهما فان أحرم لأحدهما عينا وقع الحج عن الذي عينه ويضمن النفقة للآخر وهذا ظاهر وان أحرم بحجة عن أحدهما غير عين فله أن يجعلها عن أحدهما أيهما شاء ما لم يتصل بها الأداء في قول أبي حنيفة ومحمد استحسانا والقياس أن لا يجوز له ذلك ويقع الحج عن نفسه ويضمن النفقة لهما وجه القياس انه خالف الامر لأنه أمر بالحج لمعين وقد حج لمبهم والمبهم غير المعين فصار مخالفا ويضمن النفقة ويقع الحج عن نفسه لما ذكرنا بخلاف ما إذا أحرم الابن بالحج عن أحد أبويه انه يصح وان لم يكن معينا لما ذكرنا ان الابن في حجه لأبويه ليس متصرفا بحكم الآمر حتى يصير مخالفا للامر بل هو يحج عن نفسه ثم يجعل ثواب حجه لأحدهما وذلك جائز وههنا بخلافه وجه الاستحسان انه قد صح من أصل أصحابنا ان الاحرام ليس
(٢١٤)