عمرة بسبب المجاورة فلا يسقط عنه بواجب آخر كما لو نذر بحجة انه لا تسقط عنه بحجة الاسلام وكذا لو فعل ذلك بعدما تحولت السنة وجه الاستحسان أن لزوم الحجة أو العمرة ثبت تعظيما للبقعة والواجب عليه تعظيمها بمطلق الاحرام لا باحرام على حدة بدليل أنه يجوز دخولها ابتداء باحرام حجة الاسلام فإنه لو أحرم من الميقات ابتداء بحجة الاسلام أجزأه ذلك عن حجة الاسلام وعن حرمة الميقات وصار كمن دخل المسجد وأدى فرض الوقت قام ذلك مقام تحية المسجد وكذا لو نذر أن يعتكف شهر رمضان فصام رمضان معتكفا جاز وقام صوم رمضان مقام الصوم الذي هو شرط الاعتكاف بخلاف ما إذا تحولت السنة لأنه لما لم يقض حق البقعة حتى تحولت السنة صار مفوتا حقها فصار ذلك دينا عليه وصار أصلا ومقصودا بنفسه فلا يتأدى بغيره كمن نذر أن يعتكف شهر رمضان فلم يصم ولم يعتكف حتى قضى شهر رمضان مع الاعتكاف جاز فان صام رمضان ولم يعتكف فيه حتى دخل شهر رمضان القابل فاعتكف فيه قضاء عما عليه لا يجوز لأن الصوم صار أصلا ومقصودا بنفسه كذا هذا وكذلك لو أحرم بعمرة منذورة في السنة الثانية لم يجزه لأنه يكره تأخير العمرة إلى يوم النحر وأيام التشريق فإذا صار إلى وقت يكره تأخير العمرة إليه صار تأخيرها كتفويتها فان دخل مكة بغير احرام ثم خرج فعاد إلى أهله ثم عاد إلى مكة فدخلها بغير احرام وجب عليه لكل واحد من الدخولين حجة أو عمرة لان كل واحد من الدخولين سبب الوجوب فان احرم بحجة الاسلام جاز عن الدخول الثاني إذا كان في سنته ولم يجز عن الدخول الأول لان الواجب قبل الدخول الثاني صار دينا فلا يسقط الا بتعيين النية هذا إذا جاوز أحد هذه المواقيت الخمسة يريد الحج أو العمرة أو دخول مكة أو الحرم بغير احرام فاما إذا لم يرد ذلك وإنما أراد أن يأتي بستان بنى عامر أو غيره لحاجة فلا شئ عليه لان لزوم الحج أو العمرة بالمجاوزة من غير احرام لحرمة الميقات تعظيما للبقعة وتمييزا لها من بين سائر البقاع في الشرف والفضيلة فيصير ملتزما للاحرام منه فإذا لم يرد البيت لم يصير ملتزما للاحرام فلا يلزمه شئ فان حصل في البستان أو ما وراءه من الحل ثم بدا له ان يدخل مكة لحاجة من غير احرام فله ذلك لأنه بوصوله إلى أهل البستان صار كواحد من أهل البستان ولأهل البستان أن يدخلوا مكة لحاجة من غير احرام فكذا له وقيل إن هذا هو الحيلة في اسقاط الاحرام عن نفسه وروى عن أبي يوسف أنه لا يسقط عنه الاحرام ولا يجوز له أن يدخل مكة بغير احرام ما لم يجاوز الميقات بنية أن يقيم بالبستان خمسة عشر يوما فصاعدا لأنه لا يثبب للبستان حكم الوطن في حقه الا بنية مدة الإقامة وأقل مدة الإقامة خمسة عشر يوما وأما الصنف الثاني فميقاتهم للحج أو العمرة دويرة أهلهم أو حيث شاؤوا من الحل الذي بين دويرة أهلهم وبين الحرم لقوله عز وجل وأتموا الحج والعمرة لله روينا عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما أنهما قالا حين سئلا عن هذه الآية اتمامهما ان تحرم بهما من دويرة أهلك فلا يجوز لهم ان يجاوزوا ميقاتهم للحج أو العمرة الا محرمين والحل الذي بين دويرة أهلهم وبين الحرم كشئ واحد فيجوز احرامهم إلى آخر أجزاء الحل كما يجوز احرام الآفاقي من دويرة أهله إلى آخر أجزاء ميقاته فلو جاوز أحد منهم ميقاته يريد الحج أو العمرة فدخل الحرم من غير احرام فعليه دم ولو عاد إلى الميقات قبل أن يحرم أو بعد ما أحرم فهو على التفصيل والاتفاق والاختلاف الذي ذكرنا في الآفاقي إذا جاوز الميقات بغير احرام وكذلك الآفاقي إذا حصل في البستان أو المكي إذا خرج إليه فأراد أن يحج أو يعتمر فحكمه حكم أهل البستان وكذلك البستاني أو المكي إذا خرج إلى الآفاق صار حكمه حكم أهل الآفاق لا تجوز مجاوزته ميقات أهل الآفاق وهو يريد الحج أو العمرة الا محرما لما روينا من الحديثين ويجوز لمن كان من أهل هذا الميقات وما بعده دخول مكة لغير الحج أو العمرة بغير احرام عندنا ولا يجوز ذلك في أحد قولي الشافعي وذكر في قوله الثالث إذا تكرر دخولهم يجب عليهم الاحرام في كل سنة مرة والصحيح قولنا لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رخص لحطابين أن يدخلوا مكة بغير احرام وعادة الحطابين انهم لا يتجاوزن الميقات وروى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه خرج من مكة إلى قديد فبلغه خبر فتنة بالمدينة فرجع ودخل مكة بغير احرام ولان البستان من توابع الحرم فيلحق به ولان مصالح أهل البستان
(١٦٦)