المنصوص عليه حق لله تعالى غير أن الشرع أثبت له ولاية أداء القيمة اما تيسيرا عليه واما نقلا للحق والتيسير له في الأداء دون الواجب وكذا الحاجة إلى نقل حق الله تعالى إلى مطلق المال وقت الأداء إلى الفقير فبقي الواجب إلى وقت الأداء في الذمة عين المنصوص عليه وجزء النصاب ثم عند الأداء ينقل ذلك إلى القيمة فتعتبر القيمة يوم النقل كما في ولد المغرور انه يضمن المغرور قيمته للمالك يوم التضمين لان الولد في حقه وان علق حر الأصل ففي حق المستحق جعل مملوكا له لحصوله عن مملوكته وإنما ينقل عنه حقه إلى القيمة يوم الخصومة فكذا ههنا وأبو حنيفة يقول الواجب هو الجزء من النصاب غير أن وجوبه من حيث إنه مطلق المال لا من حيث إنه جزء من النصاب بدليل انه يجوز أداء الشاة عن خمس من الإبل وان لم يكن جزأ منها والتعلق بكونه جزأ للتيسير لا للتحقيق لان الأداء منه أيسر في الأغلب حتى أن الأداء من غير الجزء لو كان أيسر مال إليه وعند ميله إليه يتبين انه هو الواجب لأنه هو مطلق المال وهذا هو الواجب على طريق الاستحقاق وكذا المنصوص عليه معلول بمطلق المال والتعلق به للتيسير بدليل جواز أداء الواحد من الخمس والناقة الكوماء عن بنت مخاض فكان الواجب عند الحول ربع العشر من حيث إنه مال والمنصوص عليه من حيث إنه مال فوجب اعتبار قيمته يوم الوجوب ولا يعتبر التغير بسبب نقصان السعر لأنه لا عبرة به لاسقاط الزكاة الواجبة احتياطا لحق الفقراء وأما في السوائم اختلف المشايخ على قول أبي حنيفة قال بعضهم يعتبر قيمتها يوم الوجوب كما في مال التجارة لان الواجب جزء من النصاب من حيث إنه مال في جميع أموال الزكاة وقال بعضهم يوم الأداء كما قالا لان الواجب ثمة هو المنصوص عليه صورة ومعنى ولكن يجوز إقامة غيره مقامه والله أعلم وكذلك الجواب في مال الزكاة إذا كان جارية تساوى مائتين في جميع ما ذكرنا من تغير السعر إلى زيادة أو نقصان وللمسألة فروع تعرف في كتاب الزكاة من الجامع هذا إذا هلك النصاب بعد الحول فاما إذا تصرف فيه المالك فهل يجوز تصرفه عندنا يجوز وعند الشافعي لا وهذا بناء على أصلنا ان التصرف في مال الزكاة بعد وجوبها جائز عندنا حتى لو باع نصاب الزكاة جاز البيع في الكل عندنا وأما عند الشافعي فلا يجوز في قدر الزكاة قولا واحدا وله في الزيادة على قدر الزكاة قولان وجه قوله إن الواجب جزء من النصاب لما ذكرنا من الدلائل فلا يخلو اما أن يكون وجوبه حقا للعبد كما يقول أو حقا لله تعالى كما يقولون وكل ذلك يمنع من التصرف فيه ولنا ان الزكاة اسم للفعل وهو اخراج المال إلى الله وقبل الاخراج لا حق في المال حتى يمنع نفاذ البيع فيه فينفذ كالعبد إذا جنى جناية فباعه المولى فينفذ بيعه لان الواجب فيه هو فعل الدفع فكان المحل خاليا عن الحق قبل الفعل فنفذ البيع فيه كذا هذا وإذا جاز التصرف في النصاب بعد وجوب الزكاة فيه عندنا فإذا تصرف المالك فيه ينظر إن كان استبدالا بمثله لا يضمن الزكاة وينتقل الواجب إليه يبقى ببقائه ويسقط بهلاكه وإن كان استهلاكا يضمن الزكاة ويصير دينا في ذمته بيان ذلك إذا حال الحول على مال التجارة ووجبت فيه الزكاة فأخرجه المالك عن ملكه بالدراهم والدنانير أو بعرض التجارة فباعه بمثل قيمته لا يضمن الزكاة لأنه ما أتلف الواجب بل نقله من محل إلى محل مثله إذ المعتبر في مال التجارة هو المعنى وهو المالية لا الصورة فكان الأول قائما معنى فيبقى الواجب ببقائه ويسقط بهلاكه وكذا لو باعه وحابى بما يتغابن الناس في مثله لان ذلك مما لا يمكن التحرز عنه فجعل عفوا ولهذا جعل عفوا في بيع الأب والوصي وان حابى بما لا يتغابن الناس في مثله يضمن قدر زكاة المحاباة ويكون دينا في ذمته وزكاة ما بقي يتحول إلى العين يبقى ببقائها ويسقط بهلاكها ولو أخرج مال الزكاة عن ملكه بغير عوض أصلا بالهبة والصدقة من غير الفقير والوصية أو بعوض ليس بمال بأن تزوج عليه امرأة أو صالح به من دم العمد أو اختلعت به المرأة يضمن الزكاة في ذلك كله لان اخراج المال بغير عوض اتلاف له وكذا بعوض ليس بمال وكذا لو أخرجه بعوض هو مال لكنه ليس بمال الزكاة بأن باعه بعبد الخدمة أو ثياب البذلة سواء بقي العوض في يده أو هلك لأنه أبطل المعنى الذي صار المال به مال الزكاة فكان استهلاكا له في حق الزكاة وكذا لو استأجر به عينا من الأعيان لان المنافع وإن كانت مالا في نفسها لكنها ليست بمال الزكاة لأنه لا بقاء لها وكذا لو صرف مال الزكاة إلى حوائجه بالأكل والشرب واللبس لوجد حقيقة الاستهلاك
(٢٤)