ثويت لم يضمنها ومعلوم انه لم يرد بهذا لحبس ان يمنعها العلف والماء لان ذلك استهلاك لها ولو استهلكها يصير ضامنا لزكاتها وإنما أراد به حبسها بعد طلب الساعي لها والوجه فيه انه ما فوت بهذا الحبس ملكا ولا يدا على أحد فلا يصير ضامنا وله رأى في اختيار محل الأداء ان شاء من السائمة وان شاء من غيرها فإنما حبس السائمة ليؤدي من محل آخر فلا يصير ضامنا هذا إذا هلك كل النصاب فان هلك بعضه دون بعض فعليه في الباقي حصته من الزكاة إذا لم يكن في المال فضل على النصاب بلا خلاف لان البعض معتبر بالكل ثم إذا هلك الكل سقط جميع الزكاة فإذا هلك البعض يجب ان يسقط بقدره هذا إذ لم يكن في المال عفو فأما إذ اجتمع فيه النصاب والعفو ثم هلك البعض فعلى قول أبي حنيفة وأبى يوسف يصرف الهلاك إلى العفو أولا كأنه لم يكن في ملكه الا النصاب وعند محمد وزفر يصرف الهلاك إلى الكل شائعا حتى إذا كان له تسعة من الإبل فحال عليها الحول ثم هلك منها أربعة فعليه في الباقي شاة كاملة في قول أبي حنيفة وأبى يوسف وعند محمد وزفر عليه في الباقي خمسة اتساع شاة والأصل عند أبي حنيفة وأبى يوسف أن الوجوب يتعلق بالنصاب دون العفو وعند محمد وزفر رحمهما الله يتعلق بهما جميعا واحتجا بقول النبي صلى الله عليه وسلم في خمس من الإبل شاة إلى تسع أخبر ان الوجوب يتعلق بالكل ولان سبب الوجوب هو المال النامي والعفو مال نام ومع هذا لا تجب بسببه زيادة على أن الوجوب في الكل نظيره إذا قضى القاضي بحق بشهادة ثلاثة نفر كان قضاؤه بشهادة الكل وإن كان لا حاجة إلى القضاء إلى الثالث وإذا ثبت ان الوجوب في الكل فما هلك يهلك بزكاته وما بقي يبقى بزكاته كالمال المشترك واحتج أبو حنيفة وأبو يوسف بقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن حزم في خمس من الإبل السائمة شاة وليس في الزيادة شئ حتى تكون عشرا وقال في حديثه أيضا في خمس وعشرين من الإبل بنت مخاض وليس في الزيادة شئ إلى خمس وثلاثين وهذا نص على أن الواجب في النصاب دون الوقص ولان الوقص والعفو تبع للنصاب لان النصاب باسمه وحكمه يستغنى عن الوقص والوقص باسمه وحكمه لا يستغنى عن النصاب والمال إذا اشتمل على أصل وتبع فإذا هلك منه شئ يصرف الهلاك إلى التبع دون الأصل كمال المضاربة إذا كان فيه ربح فهلك شئ منه يصرف الهلاك إلى الربح دون رأس المال كذا هذا وعلى هذا إذا حال الحول على ثمانين شاة ثم هلك أربعون منها وبقى أربعون فعليه في الأربعين الباقية شاة كاملة في قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله لان الهلاك يصرف إلى العفو أولا عندهما فجعل كان الغنم أربعون من الابتداء وفى قول محمد وزفر عليه في الباقي نصف شاة لان الواجب في الكل عندهما وقد هلك النصف فيسقط الواجب بقدره ولو هلك منها عشرون وبقى ستون فعليه في الباقي شاة عند أبي حنيفة وأبى يوسف وعند محمد وزفر ثلاثة أرباع شاة لما قلنا وعلى هذا مسائل في الجامع ثم اختلف أصحابنا فيما بينهم فعند أبي حنيفة الواجب في الدراهم والدنانير وأموال التجارة جزء من النصاب من حيث المعنى لا من حيث الصورة وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله الواجب هو الجزء منه صورة ومعنى لكن يجوز إقامة غيره مقامه من حيث المعنى ويبطل اعتبار الصورة باذن صاحب الحق وهو الله تعالى وأما في زكاة السوائم فقد اختلف مشايخنا على قول أبي حنيفة قال بعضهم الواجب هناك أيضا جزء من النصاب من حيث المعنى وذكر المنصوص عليه من خلاف جنس النصاب للتقدير وقال بعضهم الواجب هو المنصوص عليه لا جزء من النصاب لكن من حيث المعنى وعندهما الواجب هو المنصوص عليه صورة ومعنى لكن يجوز إقامة غيره مقامه من حيث المعنى دون الصورة على ما ذكرنا وينبنى على هذا الأصل مسائل الجامع إذا كان لرجل مائتا قفيز حنطة للتجارة تساوى مائتي درهم ولا مال له غير ذلك وحال عليها الحول فان أدى من عينها يؤدى خمسة أقفزة بلا خلاف لأنها هي ربع عشر النصاب وهو الواجب على ما مر ولو أراد أن يؤدى القيمة جاز عندنا خلافا للشافعي لكن عند أبي حنيفة في الزيادة والنقصان جميعا يؤدى قيمتها يوم الحول وهي خمسة دراهم وعندهما في الفصلين جميعا يؤدى قيمتها يوم الأداء في النقصان درهمين ونصفا وفى الزيادة عشرة هما يقولان الواجب جزء من النصاب وغير
(٢٣)