صلاة الا ويوجد ما ابتلى به من الحدث فيه فخروج النجس من هؤلاء لا يكون حدثا في الحال ما دام وقت الصلاة قائما حتى أن المستحاضة لو توضأت في أول الوقت فلها ان تصلى ما شاءت من الفرائض والنوافل ما لم يخرج الوقت وان دام السيلان وهذا عندنا وقال الشافعي إن كان العذر من أحد السبيلين كالاستحاضة وسلس البول وخروج الريح يتوضأ لكل فرض ويصلى ما شاء من النوافل وقال مالك في أحد قوليه يتوضأ لكن صلاة واحتجا بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال المستحاضة تتوضأ لكل صلاة فمالك عمل بمطلق اسم الصلاة والشافعي قيده بالفرض لأنه الصلاة المعهودة ولان طهارة المستحاضة طهارة ضرورية لأنه قارنها ما ينافيها أو طرأ عليها والشئ لا يوجد ولا يبقى مع المنافي الا انه لم يظهر حكم المنافي لضرورة الحاجة إلى الأداء والضرورة إلى أداء فرض الوقت فإذا فرغ من الأداء ارتفعت الضرورة فظهر حكم المنافي والنوافل اتباع الفرائض لأنها شرعت لتكميل الفرائض جبرا للنقصان المتمكن فيها فكانت ملحقة باجزائها والطهارة الواقعة لصلاة واقعة لها بجميع أجزائها بخلاف فرض آخر لأنه ليس بتبع بل هو أصل بنفسه (ولنا) ما روى أبو حنيفة باسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال المستحاضة تتوضأ لوقت كل صلاة وهذا نص في الباب ولان العزيمة شغل جميع الوقت بالأداء شكرا للنعمة بالقدر الممكن واحرازا للثوب على الكمال الا انه جوز تركت شغل بعض الوقت بالأداء رخصة وتيسيرا فضلا من الله ورحمة تمكينا من استدراك الفائت بالقضاء والقيام بمصالح القوام وجعل ذلك شغلا لجميع الوقت حكما فصار وقت الأداء شرعا بمنزلة وقت الأداء فعلا ثم قيام الأداء سبق للطهارة فكذلك الوقت القائم مقامه وما رواه الشافعي فهو حجة عليه لان مطلق الصلاة ينصرف إلى الصلاة المعهودة والمطلق ينصرف إلى المعهود المتعارف كما في قوله صلى الله عليه وسلم الصلاة عماد الدين وما روى أنه صلى الله عليه وسلم صلى صلوات بوضوء واحد ونحو ذلك والصلاة المعهودة هي الصلوات الخمس في اليوم والليلة فكأنه قال المستحاضة تتوضأ في اليوم والليلة خمس مرات فلو أوجبنا عليها الوضوء لكل صلاة أو لكل فرض تقضى لزاد على الخمس بكثير وهذا خلاف النص ولان الصلاة تذكر على إرادة وقتها قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث التيمم أينما أدركتني الصلاة تيممت وصليت والمدرك هو الوقت دون الصلاة التي هي فعله وقال صلى الله عليه وسلم ان للصلاة أولا وآخرا أي لوقت الصلاة ويقال آتيك الصلاة الظهر أي لوقتها فجاز ان تذكر الصلاة ويراد بها وقتها ولا يجوز أن يذكر الوقت ويراد به الصلاة فيحمل المحتمل على المحكم توفيقا بين الدليلين صيانة لهما عن التناقض وإنما تبقى طهارة صاحب العذر في الوقت إذا لم يحدث حدثا آخر اما إذا أحدث حدثا فلا تبقى لان الضرورة في الدم السائل لا في غيره فكان هو في غيره كالصحيح قبل الوضوء وكذلك إذا توضأ للحدث أولا ثم سال الدم فعليه الوضوء لان ذلك الوضوء لم يقع لدم العذر فكان عدما في حقه وكذا إذا سال الدم من أحد منخريه فتوضأ ثم سال من المنخر الآخر فعليه الوضوء لان هذا حدث جديد لم يكن موجودا وقت الطهارة فلم تقع الطهارة له فكان هو والبول والغائط سواء فاما إذا سال منهما جميعا فتوضأ ثم انقطع أحدهما فهو على وضوء ما بقي الوقت لان طهارته حصلت لهما جميعا والطهارة متى وقعت لعذر لا يضرها السيلان ما بقي الوقت فبقي هو صاحب عذر بالمنخر الآخر وعلى هذا حكم صاحب القروح إذا كان البعض سائلا ثم سال الآخر أو كان الكل سائلا فانقطع السيلان عن البعض ثم اختلف أصحابنا في طهارة المستحاضة انها تنتقض عند خروج الوقت أم عند دخوله أم عند أيهما كان قال أبو حنيفة ومحمد تنتقض عند خروج الوقت لا غير وقال زفر عند دخول الوقت لا غير وقال أبو يوسف عند أيهما كان وثمرة هذا الاختلاف لا تظهر الا في موضعين أحدهما ان يوجد الخروج بلا دخول كما إذا توضأت في وقت الفجر ثم طلعت الشمس فان طهارتها تنتقض عند أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد لوجود الخروج وعند زفر لا تنتقض لعدم الدخول والثاني أن يوجد الدخول بلا خروج كما إذا توضأت قبل الزوال ثم زالت الشمس فان
(٢٨)