في الوضوء لان النبي صلى الله عليه وسلم واظب عليه ومواظبته عليه دليل السنة وهذا عندنا وعند الشافعي هو فرض وجه قوله إن الامر وان تعلق بالغسل والمسح في آية الوضوء بحرف الواو وانها للجمع المطلق لكن الجمع المطلق يحتمل الترتيب فيحمل على الترتيب بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث غسل مرتبا فكان فعله بيانا لاحد المحتملين (ولنا) ان حرف الواو للجمع المطلق والجمع بصفة الترتيب جمع مقيد ولا يجوز تقييد المطلق الا بدليل وفعل النبي صلى الله عليه وسلم يمكن أن يحمل على موافقة الكتاب وهو انه إنما فعل ذلك لدخوله تحت الجمع المطلق لكن من حيث إنه جمع بل من حيث إنه مرتب وعلى هذا الوجه يكون عملا بموافقة الكتاب كمن أعتق رقبة مؤمنة في كفارة اليمين أو الظهار انه يجوز بالاجماع وذا لا ينفى أن تكون الرقبة المطلقة مرادة من النص لأن جواز المؤمنة من حيث هي رقبة لا من حيث هي مؤمنة كذا ههنا ولان الامر بالوضوء للتطهير لما ذكرنا في المسائل المتقدمة والتطهير لا يقف على الترتيب لما مر (ومنها) الموالاة وهي أن لا يشتغل المتوضئ بين أفعال الوضوء بعمل ليس منه لان النبي صلى الله عليه وسلم هكذا كان يفعل وقيل في تفسير الموالاة أن لا يمكث في أثناء الوضوء مقدار ما يخف فيه العضو المغسول فان مكث تنقطع الموالاة وعند مالك هي فرض وقيل إنه أحد قولي الشافعي والكلام في الطرفين على نحو ما ذكرنا في الترتيب فافهم (ومنها) التثليث في الغسل وهو أن يغسل أعضاء الوضوء ثلاثا ثلاثا لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة وقال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة الا به وتوضأ مرتين مرتين وقال هذا وضوء من يضاعف الله له الاجر مرتين وتوضأ ثلاثا ثلاثا وقال هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي فمن زاد على هذا أو نقص فقد تعدى وظلم وفى رواية فمن زاد أو نقص فهو من المعتدين واختلف في تأويله قال بعضهم زاد على مواضع الوضوء ونقص عن مواضعه وقال بعضهم زاد على ثلاث مرات ولم ينو ابتداء الوضوء ونقص عن الواحدة والصحيح انه محمول على الاعتقاد دون نفس الفعل معناه فمن زاد على الثلاث أو نقص عن الثلاث بان لم ير الثلاث سنة لان من لم ير سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة فقد ابتدع فيلحقه الوعيد حتى لو زاد على الثلاث أو نقص ورأي الثلاث سنة لا يحلقه هذا الوعيد لان الزيادة على الثلاث من باب الوضوء على الوضوء إذ نوى به وانه نور على نور على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذا جعل رسول الله لي الله عليه وسلم الوضوء مرتين سببا لتضعيف الثواب فكان المراد منه الاعتقاد لا نفس الزيادة والنقصان (ومنها) البداءة باليمين في اليدين والرجلين لان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يواظب على ذلك وهي سنة في الوضوء وفى غيره من الاعمال لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن في كل شئ التنعل والترجل (ومنها) البداءة فيه من رؤس الأصابع لان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك (ومنها) تخليل الأصابع بعد ايصال الماء إلى ما بينها لقول النبي صلى الله عليه وسلم خللوا أصابعكم قبل أن تخللها نار جهنم وفي رواية خللوا أصابعكم لا تخللها نار جهنم ولان التخليل من باب اكمال الفريضة فكان مسنونا ولو كان في أصبعه خاتم فإن كان واسعا فلا حاجة إلى التحريك وإن كان ضيقا فلابد من التحريك ليصل الماء إلى ما تحته (ومنها) الاستيعاب في مسح الرأس وهو أن يمسح كله لما روى عبد الله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بيديه كلتيهما أقبل بهما وأدبر وعند مالك فرض وقد مر الكلام فيه (ومنها) البداءة بالمسح من مقدم الرأس وقال الحسن البصري السنة البداءة من الهامة فيضع يديه عليها فيمدهما إلى مقدم الرأس ثم يعيد هما إلى القفا وهكذا روى هشام عن محمد والصحيح قول لعامة لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبتدئ بالمسح من مقدم رأسه ولان السنة في المغسولات البداءة بالغسل من أول العضو فكذا في الممسوحات (ومنها) أن يمسح رأسه مرة واحدة والتثليث مكروه وهذا عندنا وقال الشافعي السنة هي التثليث وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه يمسح ثلاث مرات بماء واحد احتج الشافعي بما روى أن عثمان بن عفان وعليا رضي الله عنهما حكيا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلا ثلاثا ومسحا بالرأس ثلاثا ولان هذا ركن أصلى في الوضوء فيسن فيه التثليث قياسا على الركن الآخر وهو الغسل بخلاف المسح على الخفين لأنه ليس
(٢٢)