لحاجته إلى الاعلام فان الأعمى لا يعلم بالشروع الا بسماع التكبير من الامام ولا حاجة إليه في حق المنفرد والمقتدى ومنها أن يكبر المقتدى مقارنا لتكبير الامام فهو أفضل باتفاق الروايات عن أبي حنيفة وفى التسليم عنه روايتان في رواية يسلم مقارنا لتسليم الامام كالتكبير وفى رواية يسلم بعد تسليم الامام بخلاف التكبير وقال أبو يوسف السنة أن يكبر بعد فراغ الامام من التكبير وان كبر مقارنا لتكبيره فعن أبي يوسف فيه روايتان في رواية يجوز وفى رواية لا يجوز وعن محمد يجوز ويكون مسيئا وجه قولهما أن المقتدى تبع للامام ومعنى التبعية لا تتحقق في القران (ولأبي) حنيفة أن الاقتداء مشاركة وحقيقة المشاركة المقارنة إذ بها تتحقق المشاركة في جميع اجزاء العبادة وبهذا فارق التسليم على احدى الروايتين لأنه إذا سلم بعده فقد وجدت المشاركة في جميع الصلاة لأنه يخرج عنها بسلام الامام ومنها أن المؤذن إذا قال قد قامت الصلاة كبر الامام في قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف والشافعي لا يكبر حتى يفرغ المؤذن من الإقامة والجملة فيه أن المؤذن إذا قال حي على الفلاح فإن كان الامام معهم في المسجد يستحب للقوم أن يقوموا في الصف وعند زفر والحسن بن زياد يقومون عند قوله قد قامت الصلاة في المرة الأولى ويكبرون عند الثانية لان المنبئ عن القيام قوله قد قامت الصلاة لا قوله حي على الفلاح ولنا أن قوله حي على الفلاح دعاء إلى ما به فلاحهم وأمر بالمسارعة إليه فلابد من الإجابة إلى ذلك ولن تحصل الإجابة الا بالفعل وهو القيام إليها فكان ينبغي أن يقوموا عند قوله حي على الصلاة لما ذكرنا غير أنا نمنعهم عن القيام كيلا يلغو قوله حي على الفلاح لان من وجدت منه المبادرة إلى شئ فدعاؤه إليه بعد تحصيله إياه لغو من الكلام أما قوله إن المنبئ عن القيام قوله قد قامت الصلاة فنقول قوله قد قامت الصلاة ينبئ عن قيام الصلاة لا عن القيام إليها وقيامها وجودها وذلك بالتحريمة ليتصل بها جزء من أجزائها تصديقا له على ما نذكر ثم إذا قاموا إلى الصلاة إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة كبروا على الاختلاف الذي ذكرنا وجه قول أبى يوسف والشافعي أن في إجابة المؤذن فضيلة وفى ادراك تكبيرة الافتتاح فضيلة فلا بد من الفراغ احرازا للفضيلتين من الجانبين ولان فيما قلنا تكون جميع صلاتهم بالإقامة وفيما قالوا بخلافه (ولأي) حنيفة ومحمد ما روى عن سويد بن غفلة أن عمر كان إذا انتهى المؤذن إلى قوله قد قامت الصلاة كبر وروى عن بلال رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله ان كنت تسبقني بالتكبير فلا تسبقني بالتامين ولو كبر بعد الفراغ من الإقامة لما سبقه بالتكبير فضلا عن التأمين فلم يكن للسؤال معنى ولان المؤذن مؤتمن الشرع فيجب تصديقه وذلك فيما قلناه لما ذكرنا أن قيام الصلاة وجودها فلابد من تحصيل التحريمة المقترنة بركن من أركان الصلاة ليوجد جزء من أجزائها فيصير المخبر عن قيامها صادقا في مقالته لان المخبر عن المتركب من اجزاء لا بقاء لها لن يكون الا عن وجود جزء منها وإن كان الجزء وحده مما لا ينطلق عليه اسم المتركب كمن يقول فلان يصلى في الحال يكون صادقا وإن كان لا يوجد في الحالة الاخبار الا جزء منها لاستحالة اجتماع اجزائها في الوجود في حالة واحدة وبه تبين أن ما ذكروا من المعنيين لا يعتبر بمقابلة فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعل عمر رضي الله عنه ثم نقول في تصديق المؤذن فضيلة كما أن في اجابته فضيلة بل فضيلة التصديق فوق فضيلة الإجابة مع أن فيما قالوه فوات فضيلة الإجابة أصلا إذ لا جواب لقوله قد قامت الصلاة من حيث القول وليس فيما قلنا تفويت فضيلة الإجابة أصلا بل حصلت الإجابة بالفعل وهو إقامة الصلاة فكان ما قلناه سببا لاستدراك الفضيلتين فكان أحق وبه تبين أن لا بأس بأداء بعض الصلاة بعد أكثر الإقامة وأداء أكثرها بعد جميع الإقامة إذا كان سببا لاستدراك الفضيلتين وبعض مشايخنا اختاروا في الفعل مذهب أبي يوسف لتعذر احضار النية عليهم في حال رفع المؤذن صوته بالإقامة هذا إذا كان الامام في المسجد فإن كان خارج المسجد لا يقومون ما لم يحضر لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تقوموا في الصف حتى تروني خرجت وروى عن علي رضي الله عنه أنه دخل المسجد فرأى الناس قياما ينتظرونه فقال مالي أراكم سامدين أي واقفين متحيرين ولان القيام لأجل الصلاة ولا يمكن أداؤها بدون الامام فلم يكن القيام مفيدا ثم إن دخل الامام من قدام الصفوف
(٢٠٠)