أجزأه لحصول القراءة قبل السجدة ولو لم يأت بها على هيئة السجدة ولكنه ركع بها ذكر في الأصل ان القياس أن الركوع والسجود سواء وفى الاستحسان ينبغي أن يسجد قال وبالقياس نأخذ وإنما أخذ أصحابنا بالقياس لان التفاوت ما بين القياس والاستحسان ان ما ظهر من المعاني فهو قياس وما خفى منها فهو استحسان ولا يرجح الخفي لخفائه ولا لظاهر لظهوره فيرجع في طلب الرجحان إلى ما اقترن بهما من المعاني فمتى قوى الخفي أخذوا به ومتى قوى الظاهر أخذوا به وههنا قوى دليل القياس عل ما نذكر فأخذوا به ثم إن مشايخنا اختلفوا في محل القياس والاستحسان لاختلافهم فيما يقوم مقام سجدة التلاوة فقال عامة مشايخنا ان الركوع هو القائم مقام سجدة التلاوة ومحل القياس والاستحسان هذا أن القياس أن يقوم الركوع مقامها وفى الاستحسان لا يقوم وقال بعضهم محل القياس والاستحسان خارج الصلاة بان تلاها في غير الصلاة وركع في القياس يجزئه وفى الاستحسان لا يجزئه وهذا ليس بسديد بل لا يجزئه ذلك قياسا واستحسانا لان الركوع خارج الصلاة لم يجعل قربة فلا ينوب مناب القربة وذكر الشيخ صدر الدين أبو المعين وقال رأيت في فتاوى أهل بلخ بخط الشيخ أبى عبد الله الحديدي عن محمد بن سلمة أنه قال السجدة الصلبية هي التي تقوم مقام سجدة التلاوة لا الركوع فكان القياس على قوله إن تقوم الصلبية مقام التلاوة وفى الاستحسان لا تقوم وجه قوله إن التحقيق لكون الجواز ثابتا بالقياس وعدم الجواز في الاستحسان لن يتصور الا على هذا فان القياس ان يجوز لان الواجب السجدة وقد وجدت وسقوط ما وجب من السجدة بالسجدة أمر ظاهر فكان قياسا وفى الاستحسان لا يجوز لان السجدة قائمة مقام نفسها فلا تقوم مقام غيرها كصوم يوم من رمضان لا يقع عن نفسه وعن قضاء يوم آخر عليه فكذا هذا ولا شك أن دليل القياس أظهر ودليل الاستحسان أخفى لان التسوية بين الشيئين من نوع واحد وإقامة أحدهما مقام الآخر أمر ظاهر والتفرقة بينهما لمعنى من المعاني أمر خفى لان التسوية باعتبار الذات والتفرقة باعتبار المعاني والعلم بذات ما يعاين أظهر من العلم بوصفه لحصول العلم بالذات بالحس وبالمعنى بالعقل عقيب التأمل ولا شك أن ذلك أظهر فثبت أن التسمية لكون الجواز ثابتا بالقياس وعدم الجواز بالاستحسان ممكن من هذا الوجه فاما لو كان الكلام في قيام الركوع مقام السجود فالقياس يأبى الجواز وفى الاستحسان يجوز لان الركوع مع السجود مختلفان ذاتا فلو ثبت بينهما مساواة لثبت من حيث المعنى فكان عدم جواز إقامة أحدهما مقام صاحبه من توابع الذات والعلم به ظاهر وجواز القيام من توابع المعنى والعلم به خفى فإذا كانت قضية القياس أن لا يجوز وقضية الاستحسان ان يجوز وجواب الكتاب على القلب من هذا فدل أن الصحيح ما ذكرنا وعامة مشايخنا يقولون لا بل الركوع هو القائم مقام سجدة التلاوة كذا ذكر محمد في الكتاب فإنه قال في الكتاب قلت فان أراد أن يركع بالسجدة بعينها هل يجزئه ذلك قال أما في القياس فالركعة في ذلك والسجدة سواء لان كل ذلك صلاة الا ترى إلى قوله تعالى وخر راكعا وتفسيرها خر ساجدا فالركعة والسجدة سواء في القياس وأما في الاستحسان ينبغي له أن يسجد وبالقياس نأخذ وهذا كله لفظ محمد فثبت أن محل القياس والاستحسان ما بينا وما قاله محمد بن سلمة خلاف الرواية وذكر أبو يوسف في الأمالي وإذا قرأ آية السجدة في الصلاة فان شاء ركع لها وان شاء سجد لها يعنى أن شاء أقام ركوع الصلاة مقامها وان شاء سجد لها ذكر هذا التفسير أبو يوسف في الاملاء عن أبي حنيفة وجه القياس على ما ذكره ان معنى التعظيم فيهما ظاهر فكانا في حق حصول التعظيم بهما جنسا واحدا والحاجة إلى تعظيم الله تعالى أما اقتداء بمن عظم الله تعالى واما مخالفة لمن استكبر عن تعظيم الله تعالى فكان الظاهر هو الجواز وجه الاستحسان أن الواجب هو التعظيم بجهة مخصوصة وهي السجود بدليل انه لو لم يركع على الفور حتى طالت القراءة ثم نوى بالركوع ان يقع عن السجدة لا يجوز وكذا خارج الصلاة لو تلا آية السجدة وركع ولم يسجد لا يخرج عن الواجب كذا ههنا ثم أخذوا بالقياس لقوة دليله وذلك لما روى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما انهما
(١٨٩)