الصلاة وإذا لم تبطل الصلاة فحرمة الصلاة تعجزه عن استعمال الماء فلا يكون واجدا للماء معنى كما إذا كان على رأس البئر ولم يجد آلة الاستقاء (ولنا) ان طهارة التيمم انعقدت ممدودة إلى غاية وجود الماء بالحديث الذي روينا فتنتهي عند وجود الماء فلو أتمها لاتم بغير طهارة وهذا لا يجوز وبه تبين انه لم تبق حرمة الصلاة وقوله إن رؤية الماء ليست بحدث فلا تبطل الطهارة قلنا بلى وعندنا لا تبطل بل تنتهى لكونها مؤقتة إلى غاية الرؤية ولان المتيمم لا يصير محدثا برؤية الماء عندنا بل بالحدث السابق على الشروع في الصلاة الا أنه لم يظهر أثره في حق الصلاة المؤداة للضرورة ولا ضرورة في الصلاة التي لم تؤد فظهر أثر الحدث السابق وصار كخروج الوقت في حق المستحاضة ولأنه قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالبدل وذلك يبطل حكم البدل كالمعتدة بالأشهر إذا حاضت وان وجده بعد ما قعد قدر التشهد الأخير أو بعد ما سلم وعليه سجدتا السهو وعاد إلى السجود فسدت صلاته عند أبي حنيفة ويلزمه الاستقبال وعند أبي يوسف ومحمد يبطل تيممه وصلاته تامة وهذه من المسائل المعروفة بالاثني عشرية والأصل فيها ان ما كان من افعال المصلى ما يفسد الصلاة لو وجد في أثنائها لا يفسدها ان وجد في هذه الحالة باجماع بين أصحابنا مثل الكلام والحدث العمد والقهقهة ونحو ذلك وعند الشافعي تفسد بناء على أن الخروج من الصلاة بالسلام ليس بفرض عندنا وعنده فرض على ما يذكر واما ما ليس من فعل المصلى بل هو معنى سماوي لكنه لو اعترض في أثناء الصلاة يفسد الصلاة فإذا وجد في هذه الحالة هل يفسدها قال أبو حنيفة يفسدها وقال أبو يوسف ومحمد لا يفسدها وذلك كالمتيمم يجد ماء والماسح على الخفين إذا انقضى وقت مسحه والعاري يجد ثوبا والامى يتعلم القرآن وصاحب الجرح السائل ينقطع عنه السيلان وصاحب الترتيب إذا تذكر فائتة ودخول وقت العصر يوم الجمعة وهو في صلاة الجمعة وسقوط الخف عن الماسح عليه إذا كان واسعا بدون فعله وطلوع الشمس في هذه الحالة لمصلى الفجر والمومي إذا قدر على القيام والقارئ إذا استخلف أميا والمصلى بثوب فيه نجاسة أكثر من قدر الدرهم ولم يجد ماء ليغسله فوجد في هذه الحالة وقاضي الفجر إذا زالت الشمس والمصلى إذا سقط الجبائر عنه عن برء وقضية الترتيب ذكر كل واحدة من هذه المسائل في موضعها وإنما جمعناها اتباعا للسلف وتيسيرا للحفظ على المتعلمين ومن مشايخنا من قال إن حاصل الاختلاف يرجع إلى أن خروج المصلى من الصلاة بفعله فرض عند أبي حنيفة وعندهما ليس بفرض ومنهم من تكلم في المسألة من وجه آخر وجه قولهما أن الصلاة قد انتهت بالقعود قدر التشهد لانتهاء أركانها قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه حين علمه التشهد إذا قلت هذا أو فعلت هذا فقد تمت صلاتك والصلاة بعد تمامها لا تحتمل الفساد ولهذا لا تفسد بالسلام والكلام والحدث العمد والقهقهة ودل الحديث على أن الخروج بفعله ليس بفرض لأنه وصف الصلاة بالتمام ولا تمام يتحقق مع بقاء ركن من أركانها ولهذا قلنا إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة ليست بفرض وكذا إصابة لفظ السلام لان تمام الشئ وانتهاءه مع بقاء شئ منه محال الا أنه لو قهقهه في هذا الحالة تنتقض طهارته لان انتقاضها يعتمد قيام التحريمة وانها قائمة فاما فساد الصلاة فيستدعى بقاء التحريمة مع بقاء الركن ولم يبق عليه ركن من أركان الصلاة لما بينا ولان الخروج من الصلاة ضد الصلاة لأنه تركها وضد الشئ كيف يكون ركنا له ولان عند أبي حنيفة يحصل الخروج بالحدث العمد والقهقهة والكلام وهذه الأشياء حرام ومعصية فكيف تكون فرضا والوجه لتصحيح مذهب أبي حنيفة في عدة من هذه المسائل من غير البناء على الأصل الذي ذكرنا أن فساد الصلاة ليس لوجود هذه العوارض بل بوجودها يظهر انها كانت فاسدة (وبيان) ذلك ان المتيمم إذا وجد الماء صار محدثا بالحدث السابق في حق الصلاة التي لم تؤد لأنه وجد منه الحدث ولم يوجد منه ما يزيله حقيقة لان التراب ليس بطهور حقيقة الا أنه لم يظهر حكم الحدث في حق الصلاة المؤداة للحرج كيلا تجتمع عليه الصلوات فيحرج في قضائها فسقط اعتبار الحدث السابق دفعا للحرج ولا حرج في الصلاة التي لم تود وهذه الصلاة غير مؤادة فان تحريمة الصلاة باقية بلا خلاف وكذا الركن الأخير باق لأنه وان طال فهو في حكم الركن كالقراءة إذا طالت فظهر
(٥٨)