النسيان في مثل هذه الحالة نادر ولو كان الماء معلقا على الاكاف فلا يخلوا ما إن كان راكبا أو سائقا فإن كان راكبا فإن كان الماء في مؤخر الرحل فهو على الاختلاف وإن كان في مقدم الرحل لا يجوز بالاجماع لان نسيانه نادر وإن كان سائقا فالجواب على العكس وهو انه إن كان في مؤخر الرحل لا يجوز بالاجماع لأنه يراه ويبصره فكان النسيان نادرا وإن كان في مقدم الرحل فهو على الاختلاف المحبوس في المصر في مكان طاهر يتيمم ويصلى ثم يعيد إذا خرج وروى الحسن عن أبي حنيفة انه لا يصلى وهو قول زفر وروى عن أبي يوسف انه لا يعيد الصلاة وجه رواية أبى يوسف انه عجز عن استعمال الماء حقيقة بسبب الحبس فأشبه العجز بسبب المرض ونحوه فصار الماء عدما معنى في حقه فصار مخاطبا بالصلاة بالتيمم فالقدرة بعد ذلك لا تبطل الصلاة المؤداة كما في سائر المواضع وكما في المحبوس في السفر وجه رواية الحسن انه ليس بعادم للماء حقيقة وحكما اما الحقيقة فظاهرة واما الحكم فلان الحبس إن كان بحق فهو قادر على ازالته بايصال الحق إلى المستحق وإن كان بغير حق فالظلم لا يدوم في دار الاسلام بل يرفع فلا يتحقق العجز فلا يكون التراب طهورا في حقه وجه ظاهر الرواية ان العجز للحال قد تحقق الا انه يحتمل الارتفاع فإنه قادر على رفعه إذا كان بحق وإن كان بغير حق فكذلك لان الظلم يدفع وله ولاية الدفع بالرفع إلى من له الولاية فامر بالصلاة احتياطا لتوجه الامر بالصلاة بالتيمم لان احتمال الجواز ثابت لاحتمال ان هذا القدر من العجز يكفي لتوجيه الامر بالصلاة بالتيمم وأمر بالقضاء في الثاني لان احتمال عدم الجواز ثابت لاحتمال ان المعتبر حقيقة القدرة دون العجز الحالي فيؤمر بالقضاء عملا بالشبهين وأخذ بالثقة والاحتياط وصار كالمقيد انه يصلى قاعدا ثم يعيد إذا أطلق كذا هذا بخلاف المحبوس في السفر لان ثمة تحقق العجز من كل وجه لأنه انضاف إلى المنع الحقيقي السفر والغالب في السفر عدم الماء (واما) المحبوس في مكان نجس لا يجد ماء ولا ترابا نظيفا فإنه لا يصلى عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف يصلى بالايماء ثم يعيد إذا خرج وهو قول الشافعي وقول محمد مضطرب وذكر في عامة الروايات مع أبي حنيفة وفي نوادر أبى سليمان مع أبي يوسف وجه قول أبى يوسف انه ان عجز عن حقيقة الأداء فلم يعجز عن التشبه فيؤمر بالتشبه كما في باب الصوم وقال بعض مشايخنا إنما يصلى بالايماء على مذهبه إذا كان المكان رطبا اما إذا كان يابسا فإنه يصلى بركوع وسجود والصحيح عنده انه يومى كيفما كان لأنه لو سجد لصار مستعملا للنجاسة ولأبي حنيفة أن الطهارة شرط أهلية أداء الصلاة فان الله تعالى جعل أهل مناجاته الطاهر لا المحدث والتشبه إنما يصح من الأهل الا ترى ان الحائض لا يلزمها التشبه في باب الصوم والصلاة لانعدام الأهلية بخلاف المسألة المتقدمة لان هناك حصلت الطهارة من وجه فكان أهلا من وجه فيؤدى الصلاة ثم يقضها احتياطا مسافر مر بمسجد فيه عين ماء وهو جنب ولا يجد غيره جاز له التيمم لدخول المسجد لان الجنابة مانعة من دخول المسجد عندنا على كل حال سواء كان الدخول على قصد المكث أولا الاجتياز على ما ذكرنا فيما تقدم فكان عاجزا عن استعمال هذا الماء فكان هذا الماء ملحقا بالعدم في حق جواز التيمم فلا يمنع جواز التيمم ثم وجود الماء إنما يمنع من جواز التيمم إذا كان القدر الموجود يكفي للوضوء إن كان محدثا وللاغتسال إن كان جنبا فإن كان لا يكفي لذلك فوجوده لا يمنع جواز التيمم عندنا وقال الشافعي يمنع قليله وكثيره حتى أن المحدث إذا وجد من الماء قدر ما يغسل بعض أعضاء وضوئه جاز له ان يتيمم عندنا مع قيام ذلك الماء وعنده لا يجوز مع قيامه وكذلك الجنب إذا وجد من الماء قدر ما يتوضأ به لا غير أجزأه التيمم عندنا وعنده لا يجزئه الا بعد تقديم الوضوء حتى يصير عاد ما للماء واحتج بقوله تعالى في آية التيمم فلم تجدوا ماء ذكر الماء نكرة في محل النفي فيقتضى الجواز عند عدم كل جزء من اجزاء الماء ولأن النجاسة الحكمية وهي الحدث تعتبر بالنجاسة الحقيقة ثم لو كان معه من الماء ما يزيل به بعض النجاسة الحقيقة يؤمر بالإزالة كذا هنا (ولنا) ان المأمور به الغسل المبيح للصلاة والغسل الذي لا يبح الصلاة وجوده والعدم بمنزلة واحدة كما لو كان الماء نجسا ولان الغسل إذا لم يفد الجواز كان الاشتغال به سفها مع أن فيه تضييع
(٥٠)