والمستحب له أن لا يفعل ولا يطوف بالبيت وان طاف جاز مع النقصان لان الطواف بالبيت شبيه بالصلاة قال النبي صلى الله عليه وسلم الطواف بالبيت صلاة ومعلوم أنه ليس بصلاة حقيقة فلكونه طوافا حقيقة يحكم بالجواز ولكونه شبيها بالصلاة يحكم بالكراهة ثم ذكر الغلاف ولم يذكر تفسيره واختلف المشايخ في تفسيره فقال بعضهم هو الجلد المتصل بالمصحف وقال بعضهم هو الكم والصحيح أنه الغلاف المنفصل عن المصحف وهو الذي يجعل فيه المصحف وقد يكون من الجلد وقد يكون من الثوب وهو الخريطة لان المتصل به تبع له فكان مسه مسا للقرآن ولهذا لو بيع المصحف دخل المتصل به في البيع والكم تبع للحامل فاما المنفصل فليس بتبع حتى لا يدخل في بيع المصحف من غير شرط وقال بعض مشايخنا إنما يكره له مس الموضع المكتوب دون الحواشى لأنه لم يمس القرآن حقيقة والصحيح انه يكره مس كله لان الحواشى تابعة للمكتوب فكان مسها مسا للمكتوب ويباح له قراءة القرآن لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يحجزه عن قراءة القرآن شئ الا الجنابة ويباح له دخول المسجد لان وفود المشركين كانوا يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فيدخلون عليه ولم يمنعهم من ذلك ويجب عليه الصوم والصلاة حتى يجب قضاؤهما بالترك لان الحدث لا ينافي أهلية أداء الصوم فلا ينافي أهلية وجوبه ولا ينافي أهلية وجوب الصلاة أيضا وإن كان ينافي أهلية أدائها لأنه يمكنه رفعه بالطهارة * (فصل) * واما الغسل فالكلام فيه يقع في مواضع في تفسير الغسل وفي بيان ركنه وفي بيان شرائط الركن وفي بيان سنن الغسل وفي بيان آدابه وفي بيان مقدار الماء الذي يغتسل به وفي بيان صفة الغسل المشروع (اما) تفسيره فالغسل في اللغة اسم للماء الذي يغتسل به لكن في عرف الفقهاء يراد به غسل البدن وقد مر تفسير الغسل فيما تقدم انه الإسالة حتى لا يجوز بدونها (واما) ركنه فهو إسالة الماء على جميع ما يمكن اسالته عليه من البدن من غير حرج مرة واحدة حتى لو بقيت لمعة لم يصبها الماء لم يجز الغسل وإن كانت يسيرة لقوله تعالى وان كنتم جنبا فاطهروا أي طهروا أبدانكم واسم البدن يقع على الظاهر والباطن فيجب تطهير ما يمكن تطهيره منه بلا حرج ولهذا وجبت المضمضة والاستنشاق في الغسل لان ايصال الماء إلى داخل الفم والانف ممكن بلا حرج وإنما لا يجبان في الوضوء لا لأنه لا يمكن ايصال الماء إليه بل لان الواجب هناك غسل الوجه ولا تقع المواجهة إلى ذلك رأسا ويجب ايصال الماء إلى أثناء اللحية كما يجب إلى أصولها وكذا يجب على المرأة ايصال الماء إلى أثناء شعرها إذا كان منقوضا كذا ذكر الفقيه أبو جعفر الهند وانى لأنه يمكن ايصال الماء إلى ذلك من غير حرج وأما إذا كان شعرها ضفيرا فهل يجب عليها ايصال الماء إلى أثنائه اختلف المشايخ فيه قال بعضهم يجب لقول النبي صلى الله عليه وسلم تحت كل شعرة جنابة الا فبلوا الشعر وأنقوا البشرة وقال بعضهم لا يجب وهو اختيار الشيخ الامام أبى بكر محمد بن الفضل البخاري وهو الأصح لما روى أن أم سلمة رضي الله عنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت انى أشد ضفر رأسي أفأنقضه إذا اغتسلت فقال صلى الله عليه وسلم أفيضي الماء على رأسك وسائر جسدك ويكفيك إذا بلغ الماء أصول شعرك ولان ضفيرتها إذا كانت مشدودة فتكليفها نفضها يؤدى إلى الحرج ولا حرج حال كونها منقوضة والحديث محمول على هذه الحالة ويجب ايصال الماء إلى داخل السرة لامكان الايصال إليها بلا حرج وينبغي أن يدخل أصبعه فيها للمبالغة ويجب على المرأة غسل الفرج الخارج لأنه يمكن غسله بلا حرج وكذا الأقلف يجب عليه ايصال الماء إلى القلفة وقال بعضهم لا يجب وليس بصحيح لامكان ايصال الماء إليه من غير حرج (واما) شروطه فما ذكرنا في الوضوء (واما) سننه فهي ان يبدأ فيأخذ الاناء بشماله ويكفيه على يمينه فيغسل يديه إلى الرسغين ثلاثا ثم يفرغ الماء بيمينه على شماله فيغسل فرجه حتى ينقيه ثم يتوضأ وضوء للصلاة ثلاثا ثلاثا الا انه لا يغسل رجليه حتى يفيض الماء على رأسه وسائر جسده ثلاثا ثم يتنحى فيغسل قدميه والأصل فيه ما روى عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم انها قالت وضعت غسلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليغتسل من الجنابة فاخذ الاناء بشماله واكفاء على يمينه فغسل يديه ثلاثا ثم القى
(٣٤)