في رجلين يصليان صلاة واحدة معا وينوى كل واحد منهما أن يؤم صاحبه فيها ان صلاتهما جائزة لان صحة صلاة الامام غير متعلقة بصلاة غير فصار كل واحد منهما كالمنفرد في حق نفسه ولو اقتدى كل واحد منهما بصاحبه فيها فصلاتهما فاسدة لان صلاة المقتدى متعلقة بصلاة الامام ولا امام ههنا (ومنها) أن لا يكون المقتدى عند الاقتداء متقدما على امامه عندنا وقال مالك هذا ليس بشرط ويجزئه إذا أمكنه متابعة الامام وجه قوله أن الاقتداء يوجب المتابعة في الصلاة والمكان ليس من الصلاة فلا يجب المتابعة فيه الا ترى أن الامام يصلى عند الكعبة في مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام والقوم صف حول البيت ولا شك أن أكثرهم قبل الامام (ولنا) قول النبي صلى الله عليه وسلم ليس مع الامام من تقدمه ولأنه إذا تقدم الامام يشتبه عليه حاله أو يحتاج إلى النظر وراءه في كل وقت ليتابعه فلا يمكنه المتابعة ولان المكان من لوازمه الا ترى أنه إذا كان بينه وبين الامام نهر أو طريق لم يصح الاقتداء لانعدام التبعية في المكان كذا هذا بخلاف الصلاة في الكعبة لان وجهه إذا كان إلى الامام لم تنقطع التبعية ولا يسمى قبله بل هما متقابلان كما إذا حاذى امامه وإنما تتحقق القبلية إذا كان ظهره إلى الامام ولم يوجد وكذا لا يشتبه عليه حال الإمام والمأموم (ومنها) اتحاد مكان الإمام والمأموم لان الاقتداء يقتضى التبعية في الصلاة والمكان من لوازم الصلاة فيقتضى التبعية في المكان ضرورة وعند اختلاف المكان تنعدم التبعية في المكان فتنعدم التبعية في الصلاة لانعدام لازمها ولان اختلاف المكان يوجب خفاء حال الامام على المقتدى فتتعذر عليه المتابعة التي هي معنى الاقتداء حتى أنه لو كان بينهما طريق عام يمر فيه الناس أو نهر عظيم لا يصح الاقتداء لان ذلك يوجب اختلاف المكانين عرفا مع اختلافهما حقيقة فيمنع صحة الاقتداء واصله ما روى عن عمر رضي الله عنه موقوفا عليه ومرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من كان بينه وبين الامام نهر أو طريق أو صف من النساء فلا صلاة له ومقدار الطريق العام ذكر في الفتاوى أنه سئل أبو نصر محمد بن محمد بن سلام عن مقدار الطريق الذي يمنع صحة الاقتداء فقال مقدار ما تمر فيه العجلة أو تمر فيه الأوقار وسئل أبو القاسم الصفار عنه فقال مقدار ما يمر فيه الجمل وأما النهر العظيم فما لا يمكن العبور عليه الا بعلاج كالقنطرة ونحوها وذكر الامام السرخسي أن المراد من الطريق ما تمر فيه العجلة وما وراء ذلك طريقة لا طريق والمراد بالنهر ما تجرى فيه السفن وما دون ذلك بمنزلة الجدول لا يمنع صحة الاقتداء فإن كان ت الصفوف متصلة على الطريق جاز الاقتداء لان اتصال الصفوف أخرجه من أن يكون ممر الناس فلم يبق طريقا بل صار مصلى في حق هذه الصلاة وكذلك إن كان على النهر جسر وعليه صف متصل لما قلنا ولو كان بينهما حائط ذكر في الأصل انه يجزئه وروى الحسن عن أبي حنيفة انه لا يجزئه وهذا في الحاصل على وجهين إن كان الحائط قصيرا ذليلا بحيث يتمكن كل أحد من الركوب عليه كحائط المقصورة لا يمنع الاقتداء لان ذلك لا يمنع التعبية في المكان ولا يوجب خفاء حال الامام ولو كان بين الصفين حائط إن كان طويلا وعريضا ليس فيه ثقب يمنع الاقتداء وإن كان فيه ثقب لا يمنع مشاهدة حال الامام لا يمنع بالاجماع وإن كان كبيرا فإن كان عليه باب مفتوح أو خوخة فكذلك وان لم يكن عليه شئ من ذلك ففيه روايتان وجه الرواية الأولى التي قال لا يصح انه يشتبه عليه حال امامه فلا يمكنه المتابعة وجه الرواية الأخرى الوجود وهو ما ظهر من عمل الناس في الصلاة بمكة فان الامام يقف في مقام إبراهيم صلوات الله عليه وسلامه وبعض الناس يقفون وراء الكعبة من الجانب الآخر فبينهم وبين الامام حائط الكعبة ولم يمنعهم أحد من ذلك فدل على الجواز ولو كان بينهما صف من النساء يمنع صحة الاقتداء لما روينا من الحديث ولان الصف من النساء بمنزلة الحائط الكبير الذي ليس فيه فرجة وذا يمنع صحة الاقتداء كذا هذا ولو اقتدى بالامام في أقصى المسجد والامام في المحراب جاز لان المسجد على تباعد أطرافه جعل في الحكم كمكان واحد ولو وقف على سطح المسجد واقتدى بالامام فإن كان وقوفه خلف الامام أو بحذائه أجزأه لما روى عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه وقف على سطح واقتدى بالامام وهو في جوفه ولان سطح المسجد تبع
(١٤٥)