صلى المغرب صلاها وعنده أن لا عصر عليه لأنه أداها بجميع أركانها وشرائطها المختصة بها إنما خفى عليه ما يخفى بناء على شبهة دليل ومن صلى المغرب وعنده أن لا عصر عليه حكم بجواز المغرب كما لو كان ناسيا للعصر بل هذا فوق النسيان لان ظن الناسي لم ينشأ عن شبهة دليل بل عن غفلة طبيعة وهذا الظن نشأ عن شبهة دليل فكان هذا فوق ذلك ثم هناك حكم بجواز المغرب فههنا أولى ثم العلم بالفائتة كما هو شرط لوجوب الترتيب فالعلم بوجوبها حال الفوات شرطا وجوب قضائها حتى أن الحربي إذا أسلم في دار الحرب ومكث فيها سنة ولم يعلم أن عليه الصلاة فلم يصل ثم علم لا يجب عليه قضاؤها في قول أصحابنا الثلاثة وقال زفر عليه قضاؤها ولو كان هذا ذميا أسلم في دار الاسلام فعليه قضاؤه استحسانا والقياس أن لا قضاء عليه وهو قول الحسن وجه قول زفر انه بالاسلام التزم أحكامه ووجوب الصلاة من أحكام الاسلام فيلزمه ولا يسقط بالجهل كما لو كان هذا في دار الاسلام (ولنا) ان الذي أسلم في دار الحرب منع عنه العلم لانعدام سبب العلم في حقه ولا وجوب على من منع عنه العلم كما لا وجوب على من منع عنه القدرة بمنع سببها بخلاف الذي أسلم في دار الاسلام لأنه ضيع العلم حيث لم يسأل المسلمين عن شرائع الدين مع تمكنه من السؤال والوجوب متحقق في حق من ضيع العلم كما يتحقق في حق من ضيع القدرة ولم يوجد التضييع ههنا إذ لا يوجد في الحرب من يسأله عن شرائع الاسلام حتى لو وجد ولم يسأله يجب عليه ويؤاخذ بالقضاء إذا علم بعد ذلك لأنه ضيع العلم وما منع منه كالذي أسلم في دار الاسلام وقد خرج الجواب عما قاله زفر أنه التزم أحكام الاسلام لأنا نقول نعم لكن حكما له سبيل الوصول إليه ولم يوجد فان بلغه في دار الحرب رجل واحد فعليه القضاء فيما يترك بعد ذلك في قول أبى يوسف ومحمد وهو احدى الروايتين عن أبي حنيفة وفى رواية الحسن عنه لا يلزمه ما لم يخبره رجلان أو رجل وامرأتان وجه هذه الرواية ان هذا خبر ملزم ومن أصله اشتراط العدد في الخبر الملزم كما في الحجر على المأذون وعزل الوكيل والاخبار بجناية العبد وجه الرواية الأخرى وهي الأصح ان كل واحد مأمور من صاحب الشرع بالتبليغ قال النبي صلى الله عليه وسلم الا فليبلغ الشاهد الغائب وقال صلى الله عليه وسلم نضر الله امر أسمع منا مقالة فوعاها كما سمعها ثم أداها إلى من لم يسمعها فهذا المبلغ نظير الرسول من المولى والموكل وخبر الرسول هناك ملزم فههنا كذلك والله أعلم (والثالث) كثرة الفوائت وقال بشر المريسي الترتيب لا يسقط بكثرة الفوائت حتى أن من ترك صلاة واحدة فصلى في جميع عمره وهو ذاكر للفائتة فصلاة عمره على الفساد ما لم يقض الفائتة وجه قوله إن الدليل الموجب للترتيب لا يوجب الفصل بين قليل الفائت وكثيره ولان كثرة الفوائت تكون عن كثة تفريطه فلا يستحق به التخفيف (ولنا) ان الفوائت إذا كثرت لو وجب مراعاة الترتيب معها لفائت الوقتية عن الوقت وهذا لا يجوز لما ذكرنا ان فيه ابطال ما ثبت بالدليل المقطوع به بخبر الواحد ثم اختلف في حد أدنى الفوائت الكثيرة في ظاهر الرواية أن تصير الفوائت ستا فإذا خرج وقت السادسة سقط الترتيب حتى يجوز أداء السابعة قبلها وروى ابن سماعة عن محمد هو أن تصير الفوائت خمسا فإذا دخل وقت السادسة سقط الترتيب حتى يجوز أداء السادسة وعن زفر انه يلزمه مراعاة الترتيب في صلاة شهر ولم يرو عنه أكثر من شهر فكأنه جعل حد الكثرة أن يزيد على شهر وجه ما روى عن محمد ان الكثير في كل باب كل جنسه كالجنون إذا استغرق الشهر في باب الصوم والصحيح جواب ظاهر الرواية لان الفوائت لا تدخل في حد التكرار بدخول وقت السادسة وإنما تدخل بخروج وقت السادسة لان كل واحدة منها تصير مكررة فعلى هذا لو ترك صلاة ثم صلى بعدها خمس صلوات وهو ذاكر للفائتة فإنه يقضيهن لأنهن في حد القلة بعد ومراعاة الترتيب واجبة عند قلة الفوائت لأنه يمكن جعل الوقت وقتا لهن على وجه لا يؤدى إلى اخراجه من أن يكون وقتا للوقتية فصار مؤديا كل صلاة منها في وقت المتروكة والمتروكة قبل المؤداة فصار مؤديا المؤداة قبل وقتها فلم يجز وعلى قياس ما روى عن محمد يقضى المتروكة وأربعا بعدها لان السادسة جائزة ولو لم يقضها حتى صلى السابعة فالسابعة جائزة بالاجماع لان وقت السابعة وهي المؤداة السادسة لم يجعل وقتا للفوائت
(١٣٥)