وإنما طول الجدار: امتداده زاويته البيت إلى زاويته الأخرى مثلا، والعرض: هو البعد الثالث، فإذا كان طوله عشرة أذرع، وعرضه ذراعا، فقسمته في كل الطول ونصف العرض: أن يجعل لكل واحد نصف ذراع من العرض في طول عشرة أذرع.
وقسمته بالعكس: أن يجعل لكل واحد خمسة أذرع طولا في عرض ذراع، أو أي واحدا من النوعين تراضيا عليه، جاز. لكن كيف يقسم؟ وجهان. أحدهما: يعلم بعلامة وخط يرسم. والثاني: يشق وينشر بالمنشار. وينطبق على هذا الثاني ما ذكره العراقيون: أنهما لو طلبا من الحاكم القسمة بالنوع الأول، لم يجبهما، لان شق الجدار في الطول إتلاف له، وتضييع، ولكنهما يباشرانها بأنفسهما إن شاءا، وهو كما لو هدماه، واقتسما النقض. وإن طلب أحدهما القسمة، وامتنع الآخر، نظر، إن طلب النوع الأول، لم يجب إليه على الصحيح لما فيه من الاضرار.
وقيل: يجاب ويجبر الممتنع، لكن لا يقسم بالقرعة، بل يخص كل واحد مما يليه. وإن طلب النوع الثاني، لم يجب إليه على الأصح. أما إذا انهدم الجدار وظهرت العرصة، أو كان بينهما عرصة جدار لم يبن عليها، فطلب أحدهما قسمتها بالنوع الثاني، يجاب قطعا. وإن طلبها بالنوع الأول، فإن قلنا في الجدار: إن طالب مثل هذه القسمة يجاب، ويخص كل واحد بالشق الذي يليه بغير قرعة، فكذا هنا. وإن قلنا هناك: لا يجاب، فهنا وجهان. أصحهما عند العراقيين وغيرهم:
الإجابة. وإذا بنى الجدار وأراد تعريضه، زاد فيه من عرض بيته.
الأمر الثالث: العمارة، فإذا هدم أحد الشريكين الجدار المشترك من غير إذن صاحبه لاستهدامه، أو لغيره، ففي التهذيب وغيره: أن النص إجبار الهادم على إعادته، وأن القياس: أنه يغرم نقضه ولا يجبر على البناء، لان الجدار ليس مثليا.
قلت: قد ذكر صاحب التنبيه وسائر العراقيين وطائفة من غيرهم، فيما إذا استهدم، فهدمه أحدهما بلا إذن، طريقين. أصحهما: القطع بإجباره على إعادة مثله. والثاني: فيه القولان السابقان في الاجبار ابتداء، أحدهما عليه إعادة مثله، والثاني: لا شئ. وقطع إمام الحرمين في أواخر باب ثمرة الحائط يباع أصله بأن من هدمك حائط غيره عدوانا، يلزمه أرش ما نقص، ولا يلزمه بناؤه، لأنه ليس بمثلي، والمذهب ما نص عليه. والله أعلم.