انتظروا ليدفنوه في البر، وإلا شدوه بين لوحين لئلا ينتفخ وألقوه في البحر ليلقيه البحر إلى الساحل لعله يع إلى قوم يدفنونه، فإن كان أهل الساحل كفارا، ثقل بشئ ليرسب.
قلت: العجب من الامام الرافعي مع جلالته، كيف حكى هذه المسألة على هذا الوجه، وكأنه قلد فيه صاحبي (المهذب) و (المستظهري) في قولهما: إن كان أهل الساحل كفارا، ثقل ليرسب، وهذا خلاف نص الشافعي، وإنما هو مذهب المزني، لان الشافعي رحمه الله قال: يلقى بين لوحين ليقذفه البحر. قال المزني:
هذا الذي قاله الشافعي، إذا كان أهل الساحل مسلمين، فإن كانوا كفارا، ثقل بشئ لينزل إلى القرار. قال أصحابنا: الذي قاله الشافعي أولى، لأنه يحتمل أن يجده مسلم فيدفنه إلى القبلة. وعلى قول المزني: يتيقن ترك الدفن. هذا الذي ذكرته هو المشهور في كتب الأصحاب، وذكر الشيخ أبو حامد، وصاحب (الشامل) وغيرهما: أن المزني ذكرها في (جامعه) الكبير، وأنكر القاضي أبو الطيب عليهم وقال: إنما ذكرها المزني في (جامعه) كما قالها الشافعي في (الام). قال الشافعي: فإن لم يجعلوه بين لوحتين ليقذفه الساحل، بل ثقلوه وألقوه في البحر، رجوت أن يسعهم، كذا رأيته في (الام). ونقل الأصحاب أنه قال: لم يأثموا، وهو بمعناه. وإذا ألقوه بين لوحين، أو في البحر، وجب عليهم قبل ذلك غسله وتكفينه، والصلاة عليه بلا خلاف، [وقد أوضحت المسألة في (شرح المهذب) (1)