قلت: الأصح أنه يطهر عن الحدث أيضا، وقد تقدم. والله أعلم.
وإذا قلنا: الغسلة الواحدة تكفي عن الحدث والنجس، كان تقديم إزالة النجاسة من الكمال. وإن قلنا: لا يكفي، لم تكن الإزالة من الكمال، ولا من الأركان، بل تكون شرطا، خلافا لكثير من أصحابنا، حيث قالوا: واجبات الغسل ثلاثة: غسل النجاسة إن كانت، والنية، والاستيعاب. الثاني: أن يتوضأ، كما يتوضأ للصلاة. وتحصل سنة الوضوء سواء أخر غسل القدمين إلى الفراغ، أو فعله بعد مسح الرأس والاذن. وأيهما أفضل، قولان. المشهور أنه لا يؤخر. ثم إن تجردت الجنابة عن الحدث، فالوضوء مندوب. وإن اجتمعا، فقد قدمنا في آخر باب صفة الوضوء الخلاف في اندراجه في الغسل، فإن قلنا بالمذهب: أنه يندرج، فالوضوء مندوب، ويعد من سنن الغسل. وإن أوجبنا الوضوء، امتنع عده من سنن الغسل، فإنه لا صائر إلى أن (1) يأتي بوضوءين، بل يقتصر على وضوء. فإن شاء قدمه على الغسل، وإن شاء أخره. وعلى هذا لا بد من إفراد الوضوء بالنية. وإذا قلنا بالاندراج، لا يحتاج إلى إفراده بنية.
قلت: المختار أنه إن تجردت الجنابة، نوى بوضوئه سنة الغسل، وإن اجتمعا، نوى به رفع الحدث الأصغر. والله أعلم.
واعلم أنه يتصور تجرد الجنابة في صور.
منها أن يولج في بهيمة أو دبر رجل. ومنها أن يلف على ذكره خرقة ويولجه، وإذا قلنا: إنه يجب الغسل.
ومنها إذا أنزل المتوضئ المني بنظر، أو فكر، أو في النوم قاعدا. وأما جماع المرأة بلا حائل، فيقع به الحدثان على الصحيح، وقيل: تقتضي الجنابة فقط، ويكون اللمس مغمورا.