ولو سلف رجل رجلا مائة دينار في سلعة بعينها على أن يقبض السلعة بعد يوم أو أكثر كان السلف فاسدا، ولا تجوز بيوع الأعيان على أنها مضمونة على بائعها بكل حال، لأنه لا يمتنع من فوتها ولا بأن لا يكون لصاحبها السبيل على أخذها متى شاء هو لا يحول بائعها دونها إذا دفع إليه ثمنها، وكان إلى أجل لأنها قد تتلف في ذلك الوقت، وإن قل، فيكون المشترى قد اشترى غير مضمون على البائع بصفة موجودة بكل حال يكلفها بائعها، ولا ملكه البائع شيئا بعينه يتسلط على قبضه حين وجب له وقدر على قبضه.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ويثبت فيه خيار المجلس لقوله صلى الله عليه وسلم المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا ولا يثبت فيه خيار الشرط لأنه لا يجوز أن يتفرقا قبل تمامه ولهذا لا يجوز أن يتفرقا قبل قبض العوض فلو أثبتنا فيه خيار الشرط أدى إلى أن يتفرقا قبل تمامه.
(الشرح) حديث المتبايعان بالخيار رواه الشيخان عن ابن عمر وحكيم بن حزام ورواه الشيخان وأصحاب السنن الا ابن ماجة بلفظ " البيع والمبتاع، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ورواه أبو داود عن أبي برزة، وعن سمرة عند النسائي، وعن ابن عباس عند ابن حبان.
أما الأحكام فإنه لا يجوز في عقد السلم أن يتفرقا قبل توفر شروطه أن يكون في جنس معلوم بصفة معلومة ومقدار معلوم وأجل معلوم وتسليم رأس المال في المجلس وتسمية مكان التسليم.
قوله: ولهذا لا يجوز أن يتفرقا قبل قبض العوض، وذلك العوض هو رأس المال وهو الثمن الذي يجب تسليمه في المجلس الذي وقع العقد به قبل التفرق منه وقبل لزومه لان لزومه كالتفرق إذ لو تأخر لكان في معنى بيع الدين بالدين إن كان رأس المال في الذمة، ولان في السلم غررا، فلا يضم إليه غرر تأخير رأس المال، فلابد من حلول رأس المال كما قاله القاضي أبو الطيب كالصرف، ولا يغنى عنه شرط تسليمه في المجلس فلو تفرقا قبل قبض رأس المال أو ألزماه بطل العقد