الصورة الأولى: أن يكون صاحب المال حاضرا، وأن يكون مضطرا أيضا إلى أكل ذلك المال أو إلى شربه، ومثال ذلك أن يكون الرجلان معا في مفازة ولا يجدان فيها ما يأكلان أو يشربان غير ذلك المال الذي يملكه أحدهما.
والظاهر في هذه الصورة إنه يجب على مالك المال أن يختص به لنفسه ولسد ضرورته، ولا يجوز له بذله للمضطر الآخر بعد أن كان وهو مالك المال مضطرا كاضطراره، ولا يكون هذا من موارد الايثار على نفسه، ولا يحق للمضطر الآخر أن يقهره ويأخذ المال منه، وإذا قهره وأخذ المال منه كان آثما وضامنا، وإن كان مضطرا.
[المسألة 151:] الصورة الثانية: أن يكون صاحب المال حاضرا وغير مضطر إلى أكل المال أو شربه، والأحوط لزوما في هذا الفرض أن يبذل المالك ماله للمضطر، ولا يتعين عليه أن يكون البذل مجانا من غير عوض بل يصح له أن يشترط عليه دفع العوض.
وإذا امتنع المالك عن بذل المال للمضطر بعوض وبغير عوض جاز له قهره على البذل، ولا يجوز له أن يقهره على البذل بدون عوض.
وإذا بذل المالك للمضطر المال واشترط عليه دفع العوض وقدره له صح له ذلك، سواء كان العوض الذي قدره أقل من ثمن المثل أم مساويا له أم زائدا عليه، إذا لم تكن الزيادة موجبة للحرج على المضطر، وإذا بذل المالك المال للمضطر واشترط عليه العوض ولم يقدره بمقدار، أخذ المضطر المال ووجب عليه دفع قيمة المال إذا كان قيميا ودفع مثله إذا كان مثليا.
وإذا اشترط العوض وتعين القدر بأحد الوجوه المتقدمة وطالب المالك المضطر وكان قادرا على دفعه وجب عليه الدفع، وإذا كان غير قادر بقي في الذمة وتوقع حصول الميسرة، وإذا كان المال مثليا وكانت له قيمة في حال الاضطرار كالماء في المفازة ثم سقطت قيمته عند وجود المثل كالماء بعد الوصول إلى النهر ومجاري العيون، كان الحكم في