ونحوها في موضع تتعفن فيه أو تفسد، ولعل من ذلك ما إذا أودعه دراهم مثلا في كيس مختوم أو مخيط أو مشدود فكسر ختمه أو حل خيطه وشده من دون ضرورة ومصلحة. ومن التعدي خلط الوديعة بماله، سواء كان بالجنس أو بغيره، وسواء كان بالمساوي أو بالأجود أو بالأردأ، وأما لو خلطه بجنسه من مال صاحبه كما إذا أودع عنده دراهم في كيسين غير مختومين ولا مشدودين فجعلهما كيسا واحدا، فإن كان ذلك مقدمة لحفظها أو لم يحرز أن غرض المودع حفظهما منفصلين أو مخلوطين، فلا بأس به وإلا ففيه إشكال.
(مسألة 57) إذا فرط بالأمانة أو تعدى يصير ضمانها عليه لو تلفت حتى لو لم يكن تلفها مستندا إلى تفريطه وتعديه، لأن يده الأمانية غير الضمانية تتبدل إلى يد خيانة ضمانية.
(مسألة 58) إذا نوى التصرف في الوديعة ولم يتصرف فيها لم يضمن بمجرد النية. نعم لو نوى الغصبية بأن قصد الاستيلاء عليها والتغلب على مالكها كسائر الغاصبين ضمنها لصيرورة يده يد عدوان، ولو رجع عن قصده لم يزل الضمان. ومثله ما إذا جحدها أو طلبت منه فامتنع من ردها مع التمكن عقلا وشرعا، فإنه يضمنها بمجرد ذلك، ولا يبرأ من الضمان لو عدل عن جحوده أو امتناعه.
(مسألة 59) إذا كانت الوديعة في كيس مختوم مثلا ففتحها وأخذ بعضها ضمن الجميع، بل المتجه الضمان بمجرد الفتح كما سبق، وأما إذا لم تكن مودعة في حرز أو كانت في حرز الودعي ولم يضعها المودع فيه، وأخذ بعضها فإن كان قصده الاقتصار عليه، فالظاهر قصر الضمان على المأخوذ دون ما بقي، وإن كان قصده عدم الاقتصار بل أخذ الجميع شيئا فشيئا، فلا يبعد أن يكون ضامنا للجميع.