يفعل فيه القسمة، لأنه لا يقال فيما لا يقسم ما لم يقسم، وإنما يقال فيما يقسم، فلما قال: " ما لم يقسم " دل على ما قلناه.
يؤيد ذلك قوله: فإذا وقعت الحدود فلا شفعة، فقد تقدر أنه لا شفعة فيما لا يقسم شرعا.
وروى أبان بن عثمان بن عفان عن أبيه أنه قال: لا شفعة في نخل ولا بئر، ولا رف يقطع كل الشفعة.
وأراد آبار الحجاز، فإن اعتمادهم بالسقي عليها، ولا مخالف له في الصحابة.
مسألة 17: إذا لم ينقص القيمة ولا الانتفاع بالقسمة، قسم بلا خلاف. وإذا نقص الانتفاع والقيمة بالقسمة فلا يقسم بلا خلاف.
وما فيه الخلاف قال أبو حنيفة: كل قسمة لا ينتفع الشريك بحصته، أيهما كان، فهي قسمة ضرر، ولا يقسم، وهو ظاهر مذهب الشافعي، وهو الصحيح عندي.
وقال أصحاب الشافعي كلهم، واختاره أبو حامد الإسفرايني: أن القسمة إذا نقصت القيمة دون الانتفاع فإنها غير جائزة.
دليلنا: أن ما قلناه مجمع عليه، وإنما ادعوا أن ما فيه نقصان القيمة يمنع من القسمة، فعلى من ادعى ذلك فعليه الدلالة.
مسألة 18: الصبي والمجنون والمحجور عليه لسفه لهم الشفعة، ولوليهم أن يأخذ لهم الشفعة - والولي الأب، أو الجد، أو الوصي من قبل واحد منهما، أو أمين الحاكم إذا لم يكن أب - وللولي أن يأخذ بالشفعة ولا يجب أن ينتظر بلوع الصبي ورشاده. وبه قال جميع الفقهاء.
وقال ابن أبي ليلى: لا شفعة للمحجور عليه.
وقال الأوزاعي: ليس للولي الأخذ، لكنه يصبر حتى إذا بلغ ورشد كان له