فذهب أبو إسحاق المروزي، أن الصحيح ما ذكره في كتاب الجنايات من:
أن التوكيل صحيح مع غيبة الموكل.
ومنهم من قال: أن الصحيح ما ذكره هاهنا من: اعتبار حضور الموكل.
ومنهم من قال: المسألة على قولين.
واختار أبو الطيب الطبري قول المروزي.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز استيفاؤها مع غيبة الموكل.
دليلنا: أن الأصل جواز ذلك، والمنع يحتاج إلى دلالة، ومن قال: لا يجوز إلا مع حضور الموكل استدل بقول النبي صلى الله عليه وآله: إدرأوا الحدود بالشبهات، قال: وفي استيفاء هذا الحد شبهة، لأنه لا يدري الوكيل هل عفي عن هذا القصاص الموكل فيه أو لم يعف؟ وما ذكرناه أولى.
مسألة 8: إذا وكله في تصرف سماه له، ثم قال: وقد أذنت لك أن تصنع ما شئت كان ذلك إذنا في التوكيل.
وللشافعي فيه وجهان، أحدهما: مثل ما قلناه.
والثاني: ليس له ذلك، لأنه ما صرح بالإذن فيه.
دليلنا: أنه إذا قال: (أذنت لك أن تعمل ما شئت) دخل فيه التوكيل، لأنه من جملة ما يشاء، فحمل قوله على عمومه أولى.
مسألة 9: جميع من يبيع مال غيره، ستة أنفس: الأب، والجد، ووصيهما، والحاكم، وأمين الحاكم، والوكيل. لا يصح لأحد منهم أن يبيع المال الذي في يده من نفسه إلا لاثنين: الأب، والجد، ولا يصح لغيرهما. وبه قال مالك، والشافعي.
وقال الأوزاعي: يجوز ذلك للجميع.
وقال زفر: لا يجوز لأحد منهم أن يبيع من نفسه شيئا.