فما أنفق عليه من مال نفسه رجع عليه بقدر ما أنفقه بالمعروف، فإن ادعى أكثر من ذلك فلا يقبل قوله في الزيادة.
وإن اختلفا في قدر النفقة فالقول قول الملتقط، لأنا نعلم أنه لا بد من غذائه وإن كثر الغذاء، ويقبل قوله فيما يدعيه من المعروف، ومتى بلغ اللقيط وادعى على الملتقط أنه لم ينفق عليه ماله، كان القول قول الملتقط مع يمينه لأنه أمين.
رجلان وجدا لقيطا فتشاحا على حضانته وتربيته، فلا يخلو حالهما من أحد أمرين: إما أن يكونا متساويين أو غير متساويين.
فإن كانا متساويين مثل أن يكونا حرين مسلمين عدلين مقيمين موسرين، وإن كان أحدهما خيرا من الآخر بأن يكون أزهد وأعدل، فإنه يقرع بينهما وأعطي من خرج اسمه، سواء كانا رجلين أو امرأتين أو رجلا وامرأة فإنه يقرع بينهما لأن القرعة تستعمل في كل أمر مشكل.
رجلان وجدا لقيطا وكانا قد استويا في الشروط فترك أحدهما، للآخر أخذ الكل أو يحتاج إلى إذن الحاكم؟ قيل فيه وجهان: فيهم من قال: ليس له أخذه حتى يأذن له الحاكم، لأنه إنما يملك إسقاط حقه ولا يملك تحصيله لغيره ولاية، وفيهم من قال: له أن يأخذ الكل بغير إذن الحاكم، وهو الأقوى، لأنهما ملكا الحضانة بالالتقاط، ألا ترى أنه لو أقرع بينهما لما احتيج إلى إذن الحاكم، فإذا أسقط أحدهما حقه صار الكل للآخر كالشفيعين، وهذا كله إذا كانا متساويين.
فأما إذا كانا مختلفين فإنا نذكر أولا الحكم في الإفراد ثم يجمع بينهما.
إن وجده عبد فإنه ينزع من يده، لأنه لا يملك من نفسه شيئا يشتغل به في الحضانة، إلا أن يأذن له سيده، فحينئذ لا ينزع من يده، كما لو وجده سيده ودفعه إلى عبده.
وإن وجده حر فلا يخلو: أن يكون مسلما أو كافرا.
فإن كان كافرا نظرت في اللقيط: فإن كان بحكم الإسلام نزع من يده، لأن الكافر لا يلي على مسلم، ولأنه ربما فتنه عن دينه، وإن كان حكم له بالكفر فإنه