ولو قال: من جاءني بعد آبق من البصرة فله دينار، فجاء من واسط فإنه يستحق نصف دينار، لأنه عمل نصف العمل، ولو قال: إن جئتني بعبدي فلك كذا فجاء به إلى باب ثم هرب، فإنه لا يستحق شيئا لأنه ما جاء به، لأن المقصود من المجئ به التسليم.
وإذا وجد طعاما رطبا لا يبقى فهو بالخيار بين أن يقومه على نفسه ويضمن ثمنه لصاحبه إذا جاء، وبين أن يبيعه ويحفظه على صاحبه، أو يتصدق به، على ما قلناه من شرط الضمان، وفيهم من رجح البيع على الأكل لأنه أشبه بأحكام اللقطة.
وتعريف السنة لا يسقط بلا خلاف، وينبغي أن يعرف الطعام لا القيمة، لأن القيمة لا يقف عليها صاحب الطعام، وهل يلزمه أن يعزل القيمة في الحول أم لا؟
قيل فيه وجهان: أحدهما لا يلزمه لأنه كالمقبوض، الثاني يلزمه أن يعزل القيمة في الحول لأن ذلك من مقتضى اللقطة، فإنه لا يجوز التملك إلا بعد السنة، وهذا أحوط.
وفائدة ذلك أنه إذا عزله ليس له أن يتصرف فيه بنفسه، ولا لورثته إن مات أو أفلس، فإن جاء صاحبه رجع في عين ماله لأنه في يده أمانة، فإن تلف يكون من مال صاحب اللقطة، ومن قال: لا يلزمه أن يعزله، فإن جاء صاحبه ولم يعزله وكان هذا مفلسا ضرب مع الغرماء، وإن كان قد عزله فكأنه لم يعزل، وكأنه عزل من مال نفسه.
فأما إن باعه واختار البيع نظرت: فإن لم يكن الحاكم في البلد فباع أو كان الحاكم وأمره ببيعه أو نصب أمينا ببيعه فباعه، فإنه يعرف الثمن، فإن جاء صاحبه ووجد عين ماله فإنه لا يرجع في العين، وإنما له الثمن.
فأما إن باعه هو والحاكم ببلده فالبيع باطل، لأن هذا لا يلي بيعه، فإن جاء صاحبه فإن وجد عين ماله أخذه وإن لم يجده نظرت: فإن كان الثمن وفق القيمة أخذه، وإن كان أكثر من قيمته فإنه يرد تلك الزيادة، وإن كان أقل فهو بالخيار