قال قوم: للحاكم أن يأذن له في الإنفاق عليه، وقال آخرون: ليس له ذلك وإذا أنفق عليه فقد تطوع بذلك فلا يرجع عليه، والأول أصح، وإذا سلم الحاكم إلى الأمين يقدر له نفقة كل يوم والأمين بالخيار إن شاء أنفق بنفسه، وإن شاء سلم إلى الذي في يده نفقة كل يوم يوما فيوما، ثم ينظر: فإن كانت النفقة قدر كفايته فلا كلام، وإن كان أكثر، فإنه يرد تلك الزيادة، وإن كانت أقل رجع إلى الحاكم ويطالبه بزيادته ليقدر له.
وإذا لم يكن هناك حاكم وأنفق عليه فهل يضمن أم لا؟ قيل فيه قولان:
أحدهما لا يضمنه لأنه موضع الضرورة، والثاني يضمن لأنه أنفق مال غيره بغير إذنه، وهذه مثل مسألة الجمال إذا هرب والمكتري ينفق على الجمل، فهل يضمن على قولين.
فأما إذا لم ينفق عليه ولم يكن للقيط مال فإنه ينفق عليه من بيت المال بلا خلاف، لأن ذلك من المصالح، فإذا لم يكن في بيت المال مال أو يكون لكن يحتاج إليه فيما هو أهم من هذا مثل ظهور عدو فيحتاج إلى جيش ويحتاج إلى نفقتهم، فعلى من نفقة هذا اللقيط؟ قيل فيه قولان: أحدهما على سائر الناس، والثاني يستقرض عليه.
فمن قال: نفقته على المسلمين، فإذا قام به واحد سقط عن الباقين، وإن ظهر مال في بيت المال فقد سقط عنهم جملة، ومن قال: يستقرض، فإن استقرض من الذي وجده فهل يأمره بالإنفاق عليه أو ينزع من يده ويسلم إلى غيره لينفق عليه؟ على قولين أصحهما أنه يجوز تسليم ذلك إليه، وإن استقرض من غيره، فإن الحاكم يقدر قدر كفايته لينفق عليه بالمعروف.
وإن لم يوجد من يستقرض منه ولا في بيت المال مال، فإن الحاكم يقسم على نفسه و على المسلمين نفقته بالمعروف، فإن ظهر في بيت المال مال فإنه يسقط عن ذمته ويقضي من بيت المال.
ومن قال: لا ينزع من يده ويأمره بالإنفاق عليه بالمعروف، فإذا بلغ اللقيط