وإن جعل الحاكم في عنق العبد ختما من رصاص - ويجعله في عنقه من حيث لا يمكنه أن يخرج رأسه منه، يجعله مثل القلادة - وسلمه إليه ويجعله في ضمانه وينفذه إلى حاكم مكة، فإن شهدا بأنه عبده، فإنه يكون عبده ويكتب إلى حاكم مصر ويبرأ الذي اشتراه، فأما إن لم يشهد الشهود يلزمه الرد إلى مصر، فإن تلف في المجئ قبل وصوله إلى مكة أو تلف في الرجوع فإنه يلزمه الضمان، وإن تلف العبد وأفلس المدعي فلا يكون له ذمة يرجع إليه، ويلزمه ضمان ما عطل من كسب هذا العبد ومنفعة هذه المدة، وكذلك حكم الأمة سواء.
من ضاع له ضالة أو سلعة أو متاع يجوز له أن يجعل له جعلا لمن جاء به، وهكذا إن قال: من يبني داري هذه فله كذا، أو يقول: من يخيط ثوبي هذا فله كذا، فإنه جائز لقوله تعالى: " ولمن جاء حمل بعير وأنا به زعيم " فإذا ثبت هذا فإنه يجوز أن يكون العمل منه مجهولا والمدة مجهولة، لأن هذا من العقود الجائزة لا اللازمة كالعارية، وأما العوض فلا بد من أن يكون معلوما.
فإذا ثبت هذا فإن هذه الجعالة قبل الشروع فيها جائزة من الطرفين، ومتى تلبس بهما فالمجعول له بالخيار إن شاء أتم وإن شاء رجع، فإن لم يتم وتبرأ بعد الشروع، فله ذلك وقد أبطل المنفعة على نفسه، وإن أراد الجاعل الرجوع بعد أن تلبس بها فليس له ذلك إلا أن يبذل له أجرة ما قد عمل.
من جاء بضالة إنسان أو بآبقة أو بلقطة من غير جعل ولم يشترط فيه، فإنه لا يستحق شيئا، سواء كان ضالة أو آبقا أو لقطة، قليلا كان ثمنه أو كثيرا، سواء كان معروفا برد الضوال أو لم يكن، وسواء جاء من طريق بعيدة تقصر الصلاة فيه أو جاء به من طريق دون ذلك.
وقال بعضهم: إن كان معروفا برد الضوال وممن يستأجر لرده فإنه يستحق المجعل، وإن لم يكن معروفا لم يستحق.
وقال قوم: إن كان ضوالا أو لقطة فإنه لا يستحق الأجرة، وإن كان آبقا فإن جاء به من مسيرة ثلاثة أيام وكان ثمنه أربعين درهما وزيادة فإنه متى جمع هذين