ومن قال: لا ينتزع، فإنه يضم إليه آخر ليعرفه، كرجل ضعيف وجد اللقطة ولا يقدر على تعريفها لضعفه، فإنه يضم إليه آخر على القولين معا، فإنه يتملك هذا الفاسق، لأن في باب التملك الفاسق وغير الفاسق سواء.
ومن وجد لقطة بمكة أو في الحرم وجب أن يعرفها سنة، فإن وجد صاحبها وإلا فهو مخير بين شيئين: بين أن يتصدق بها عن صاحبها بشرط الضمان، أو يحفظها عليه وليس له أن يتملكها، ولا خلاف أن له أن يأخذها ليحفظها على صاحبها، فأما إن أراد أخذها ليتملكها قال قوم: ليس له، لمثل ما قلناه، وقال شاذ منهم: يجوز له ذلك.
وإنما قلنا ما اخترناه لإجماع الفرقة وأخبارهم، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في مكة: لا ينفر صيدها ولا يعضد شجرها ولا يختلي خلاها ولا تحل لقطتها إلا لمنشد - يعني لمعرف -، يقال: نشد ينشد، إذا طلبه ووجده، وأنشده إذا عرفه.
وأيضا قوله تعالى: " أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا... الآية " فإذا وصفه بأنه يكون حرما فلا يجوز التقاط ما يسقط فيه.
يجوز للمكاتب والمدبر وأم الولد أخذ اللقطة، وقال قوم: لا يجوز لهم ذلك، والأول أصح لعموم الأخبار، فإذا أخذها المكاتب عرفها فإذا حال الحول إن شاء أن يتملكها فعل، وإن شاء أن يحفظها على صاحبها فعل، كما قلنا في الحر.
ومن قال: المكاتب كالعبد، ولا يجوز للعبد أخذها، قال: إن أخذها كان متعديا وليس لسيده أخذه منه، لأنه لا ولاية له عليه، وللحاكم أن ينتزع من يده ويعرفها، وإذا حال الحول ولم ير الحاكم صاحبها ردها إلى المكاتب، والمكاتب بالخيار إن شاء تملكها، وإن شاء حفظها على صاحبها، لأنه ممن يصح أن يتملك، وفي الناس من قال: هو كالحر، كما قلناه.
إذا كان العبد نصفه حرا ونصفه مملوكا جاز له أن يأخذ اللقطة، وفيهم من