يجب من الضمان وفي من يطالب به، وفي حكم الرجوع.
أما الواجب فعلى المشتري من الغاصب ما على نفس الغاصب من ضمان وحد، على ما فصلناه حرفا بحرف، ولا فصل بينهما أكثر من أن المشتري أدخل في الجهالة من الغاصب لأنه قد يشتري ما لا يعلمه مستحقا ثم تبين كونه مستحقا.
وأما الضمان فللسيد أن يرجع على الغاصب بما وجب عليه بفعله وحده، لا يرجع به على المشتري، وكل ما وجب بفعل المشتري من أرش بكارة ونقص ولادة وقيمتها إن تلفت وقيمة الولد والمهر والأجرة فللسيد أن يرجع على من شاء منهما أما المشتري فيرجع عليه به لأنه وجب بفعليه وأما الغاصب فيرجع به عليه لأنه سبب يد المشتري.
وأما الكلام في الرجوع نظرت: فإن رجع على المشتري بذلك، فهل يرجع المشتري به على الغاصب أم لا؟ فإن كان المشتري قد دخل مع العلم بالحال لم يرجع على أحد بشئ، لأنه غر نفسه، وإن كان مع الجهل بالحال فكلما دخل المشتري على أنه يملكه ببدل وهو أرش البكارة ونقصان الولادة وقيمتها إن ماتت لا يرجع به على الغاصب، لأنه قد دخل على أنه مضمون عليه بالثمن، فإذا تلفت في يده استقر الثمن عليه.
وكلما دخل على أنه يستوفيه من ملكه لا يقابله الثمن نظرت: فإن كان لم يحصل عنه بدل عاد بعضه إليه، وهو قيمة الولد لأن الولد فائدة ملكه، لكنه ضمن قيمته ولم يعد إليه في مقابلته نفع، لأن الولد مؤونة بلا معونة، فهاهنا يرجع به عليه لأنه غرم ما لم يحصل له في مقابلته فائدة بسبب فعل الغاصب، فكان له الرجوع عليه به، وإن كان مما لا يملك بالثمن لكنه حصل له في مقابلة ما غرم بدل وهو المهر، فإنه حصل له الوطء وعدم المهر، وكذلك أجرة غرمها في مقابلة ما حصل له من الاستخدام، فهل يرجع به على الغاصب أم لا؟ قيل فيه قولان:
أحدهما يرجع به عليه لأنه غره، والآخر لا يرجع به عليه، لأنه إن كان غره فقد انتفع بالوطئ والاستخدام، وهذا أقوى.