الزكاة، ولو كانوا مرتدين عند أبي بكر لقال له: فالقوم لا يقولون لا إله إلا الله، فلما لم يحتج عليه بذلك ثبت أن اعتقاده كاعتقاد عمر فيهم من الإيمان، ولأن القوم منعوا بتأويل واحتجوا حجة مقيم على الإسلام فقالوا: قال الله تعالى: خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم، كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله سكنا لنا، وليست صلاة ابن أبي قحافة سكنا لنا، فأخبروا أنهم متمسكون بدين النبي صلى الله عليه وآله وفرقوا بينه وبين أبي بكر، فإن صلاته كانت رحمة علينا، وصلاة أبي بكر ليست كذلك.
وأيضا فإن القوم لما جاؤوا تائبين قالوا: والله ما كفرنا بعد إسلامنا، وإنما شححنا على أموالنا، فالقوم قد حلفوا أنهم ما كفروا، وهو ظاهر من كلامهم بين في أشعارهم، وقال شاعرهم:
ألا فأصبحينا قبل نائرة الفجر * لعل منايانا قريب ولا ندري أطعنا رسول الله ما كان بيننا * فوا عجبا ما بال ملك أبي بكر فأخبرهم أنهم أطاعوا رسول الله صلى الله عليه وآله في وقته وحال حياته، وكانوا معه في دعة فقالوا " فوا عجبا ما بال ملك أبي بكر ".
فإن الذي سألوكم فمنعتم * لكالتمر أو أحلى إليهم من التمر سنمنعهم ما دام فينا بقية * كرام على الغزاء في ساعة العسر ثبت بذلك أن القوم كانوا مسلمين مستمسكين بدين الإسلام.
مسألة 4: إذا ولى أهل البغي إلى غير فئة أو ألقوا السلاح أو قعدوا أو رجعوا إلى الطاعة حرم قتالهم بلا خلاف، وإن ولوا منهزمين إلى فئة لهم جاز أن يتبعوا ويقتلوا، وبه قال أبو حنيفة وأبو إسحاق المروزي، وقال باقي أصحاب الشافعي:
إنه لا يجوز قتالهم ولا اتباعهم.
دليلنا: قوله تعالى: التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله، وهؤلاء ما فاءوا إلى أمر الله، ولا ينافي ذلك ما روي أن عليا عليه السلام يوم الجمل نادى: أن لا