بذلك من الذمة على كل حال. وقال الشافعي: إن قاتلوا بشبهة مثل أن يقولوا:
إنا لم نعلم أنه لا يجوز معاونة قوم من المسلمين أو ظننا أن ذلك جائز، لم يخرجوا بذلك من الذمة، وإن كانوا عالمين بذلك فهل يخرجون عن الذمة أم لا؟ على قولين: أحدهما يخرجون، والثاني لا يخرجون. وقال أبو إسحاق:
القولان إذا لم يشرط عليهم ذلك نطقا في عقد الذمة أنه لا يجوز منهم القتال للمسلمين، فإن شرط عليهم ذلك نطقا فإنهم يخرجون عن الذمة قولا واحدا.
دليلنا: إن من شرط صحة عقد الذمة أن لا يقاتلوا المسلمين، فمتى قاتلوهم نقضوا شرائط صحة العقد فخرجوا بذلك عن الذمة.
مسألة 9: يجوز للإمام أن يستعين بأهل الذمة على قتال أهل البغي، وقال الشافعي: لا يجوز ذلك، وبه قال باقي الفقهاء.
دليلنا: إنا بينا أنهم كفار، وإذا كانوا كفارا فلا خوف أنه يجوز أن يستعين بأهل الذمة عليهم، ولأن الأصل جواز ذلك، والمنع يحتاج إلى دليل.
مسألة 10: إذا نصب أهل البغي قاضيا يقضي بينهم أو بين غيرهم لم ينفذ حكمه، سواء كان القاضي من أهل العدل أو من أهل البغي، وسواء كان حكمه وافق الحق أو خالفه.
وقال أبو حنيفة: إن كان القاضي من أهل العدل صح ذلك، وإن كان من أهل البغي لم ينفذ له قضاء، ولا تنعقد له الولاية.
وقال الشافعي: إن كان القاضي ممن يعتقد إباحة أموال أهل العدل ودمائهم لم ينعقد له قضاء، ولم ينفذ ما حكم به، سواء وافق حكمه الحق أو لم يوافق، وإن كان يقول أنه لا يستبيح أموال أهل العدل ولا دماءهم نفذت قضاياه، كما تنفذ قضايا غيره، سواء كان القاضي من أهل العدل أو من أهل البغي.
دليلنا: إجماع الفرقة على أن القاضي لا يجوز أن يوليه غير الإمام، وهذا لم