يرد السهم عن الثبات فيه، فالقول قوله بلا يمين، لأن الظاهر أن سقوطه لسوء رميه، وإن كان فيه شئ من هذا فالقول قوله مع يمينه لأن ما يدعيه الرامي ممكن.
فأما إن عرف موضع الإصابة، نظرت في الموضع، فإن لم يكن فيه ما يرد السهم عن الثبوت، فالقول قول المصاب عليه، أيضا لما مضى، وإن كان هناك ما يرد السهم من حصاة أو نواة، فإن لم يكن السهم خرق وجه الحصاة، فالقول قول المصاب عليه أيضا لأنه لو كان الأمر على ما ادعاه الرامي لكان السهم قد فتح المكان، وبان أن المانع ما كان وراءه من الحصاة، وإن كان السهم قد خرق ما في وجه الحصاة وبلغ النصل إلى الحصاة، فمن قال في المسألة الأولى يعتد له به خاسق، قال هاهنا مثله، ومن قال: لا يعتد له، قال: لا يعتد هاهنا له ولا عليه، حتى يرمي ثانيا لأنا لا نعلم هل خسق أم لا؟
إذا كانت الإصابة خواسق، فرمى أحدهما فوقع سهمه في ثقبة كانت في الغرض أو في مكان خلق بال، فثقب الموضع وثبت السهم في الهدف، وكان الغرض ملصقا بالهدف، فهل يعتد به خاسقا أم لا؟ قال قوم: ينظر في الهدف، فإن كان قويا كقوة الغرض، مثل أن كان الهدف حائطا أو طينا جامدا قويا فهو خاسق، وإن كان الهدف ضعيفا ولم يكن بقوة الغرض، كالتراب والطين الرطب لم يعتد به له ولا عليه، لأن أمره مشكل.
قد ذكرنا الخرم، وهو أن يقع السهم في حاشية الغرض فخرمه، وثبت فيه مثل أن قطع من حاشيته قطعة وثبت فيه، أو شق الحاشية فثبت فيه، وكان الغرض محيطا ببعض السهم، وبعض السهم لا يحيط به الغرض، فإذا كان كذلك فشرط الخواسق فخرم، قال قوم: لا يعتد به خاسقا، لأن الخاسق ما ثبت فيه ويحيط الغرض بجميع دور السهم، وهذا ليس كذلك، وقال آخرون: إنه خاسق، لأن الخاسق ما ثقب الغرض وثبت فيه، وهذا موجود، لأنه إذا خرم فقد خسق وزيادة، لأنه قد قطع منه قطعة ورماه وثبت السهم في مكان القطعة، فبأن يحسب خاسقا أولى.