إذا عقدا بينهما نضالا على أن الرشق عشرون، والإصابة خمسة، وأراد أحدهما الزيادة في عدد الرشق وفي عدد الإصابة، وامتنع الآخر عليه:
فمن قال: إنه عقد لازم، لم يجز أن يزيدا ولا أن ينقصا مع بقاء العقد كالإجارة والبيع، وإن تفاسخا العقد واستأنفا ما يتفقان عليه جاز.
ومن قال: هو عقد جائز على ما اخترناه، قال: إن كانت المطالبة قبل التلبس بالرمي أو بعد التلبس ولم يكن لأحدهما على صاحبه مزية، مثل أن كانا في عدد الرمي والإصابة سواء، فأيهما طلب فصاحبه بالخيار، إن شاء أجابه وإن شاء انصرف، أو جلس لأنه عقد جائز.
وإن كان لأحدهما مزية على صاحبه، مثل أن رمى أحدهما عشرة فأصاب أربعة، ورمى الآخر عشرة فأصاب سهمين، فإن طالب بذلك من له الأكثر كان بالخيار، وإن كان المطالب من له الأقل قال قوم: صاحبه بالخيار، لأنه عقد جائز، وقال آخرون: ليس له المطالبة بذلك، لأنا لو أجزنا ذلك أدى إلى أن لا ينضل أحد أحدا إلا ومتى أشرف على أنه مغلوب طالب بالزيادة وجلس، فأمن أن ينضل، وهذا أقوى.
إذا كان الرشق عشرين، والإصابة خمسة، فرمى أحدهما عشرة فأصاب سهمين، ورمى الآخر عشرة فأصاب سهمين، فقال أحدهما لصاحبه: ارم سهمك فإن أصبت فقد نضلتني، لم يجز، لأن موضوع النضال أن يعرف الأحذق منهما، فإذا فعلا هذا ربما فضل لا بحذقه، وأيضا فإن هذا يؤدى إلى أن يكون الناضل منضولا، والمنضول ناضلا وذلك لا يجوز.
بيانه: أن يكون لأحدهما إصابة أربعة، ولصاحبه إصابة واحدة، فقال صاحب الأكثر لصاحب الأقل: ارم سهمك فإن أصبت فقد نضلتني، فرمى فأصاب، فنضله والمنضول إصابته أكثر، وهذا لا يجوز.
فإن كان هذا قبل التلبس بالعقد أو بعد ذلك لكن تفاسخا ثم قال: ارم سهمك هذا فإن أصبت فلك دينار، صح لأنها جعالة فيما له فيه غرض صحيح.