النضال من أحد أمرين، إما أن يكون كل واحد منهما سبق صاحبه أو لم يسبق.
فإن كان كل واحد منهما سبق صاحبه، قال قوم: يقرع بينهما، لأنه لا مزية لأحدهما، وقال آخرون: النضال فاسد، والأول أقوى عندي، وإن لم يكن كل واحد منهما أخرج السبق بل أخرج أحدهما أو غيرهما، قال قوم: إن كان المسبق أحدهما بدأ هو لأن له مزية، وإن كان غيرهما كان له الخيار إليه في تقديم أيهما شاء، وقال قوم: النضال باطل، لأن موضوع النضال على أن يكون للمسبق مزية.
وإن كان إخراج العوض منه فالسنة في النضال أن يكون لأهله غرضان وهدفان يرمون من عند أحدهما إلى الآخر، ثم يمشون إلى الذي رموا إليه فيأخذون سهامهم ويقفون عنده، فيرمون إلى الذي ابتدأوا منه، لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ما بين الغرضين روضة من رياض الجنة.
فإذا ثبت هذا ورتبوا غرضين ووقفوا فرموا أولا من عند واحد إلى الآخر فبدأ أحد الرماة إما بالشرط أو بالقرعة أو بالتسبيق على ما فصلناه، فإذا مشوا إلى الآخر وجمعوا سهامهم للرمي لم يكن للذي بدأ من عند الأول أن يبدأ من عند الآخر، بل يبدأ غيره على ما يرتبونه، لأن موضوع المناضلة على المساواة بين المتناضلين، بدليل أن المسافة في الكل واحد.
فأما الكلام في كيفية الرمي، فإن إطلاق المناضلة يقتضي المراسلة أن يرمي سهما وسهما كذلك حتى ينفد الرشق، لأنها عادة الرماة، فإن شرطا غير ما يقتضيه الإطلاق مثل أن يرمي عشرة وعشرة رشقا ورشقا جاز.
وإذا عرض لأحد المناضلين عارض فاضطرب رميه لأجله، مثل أن أغرق النزع فخرج السهم من اليمين إلى اليسار، وذلك أن من شأن السهم أن يسترسل على إبهام بالغ صاحبه، فزاد في النزع فعبر القوس فمر على أصل سبابة يساره، وإن انكسر قوسه أو انقطع وتره أو عرض في الطريق عارض غير سوق استرساله، مثل أن وقع في بهيمة أو غيرها ونفذ عنها أو طائر أو إنسان أو استلبه