وأما الذي يفسد الصيام مما يجب منه القضاء دون الكفارة: فمن أجنب في أول الليل ونام ثم انتبه ولم يغتسل فنام ثانيا واستمر به النوم إلى طلوع الفجر كان عليه القضاء وصيام ذلك اليوم وليس عليه كفارة، ومن تمضمض للتبرد دون الطهارة فدخل الماء حلقه وجب عليه القضاء دون الكفارة، وكذلك من تقيا متعمدا وجب عليه القضاء دون الكفارة فإن ذرعه القئ لم يكن عليه شئ، وليبصق بما يحصل في فيه فإن بلعه كان عليه القضاء.
ومن أكل أو شرب عند طلوع الفجر من غير أن يرصده ثم تبين بعد ذلك أنه كان طالعا كان عليه القضاء فإن رصده لم يتبينه لم يكن عليه شئ، فإن بدأ بالأكل فقيل له: قد طلع الفجر، فلم يمتنع ثم تبين بعد ذلك أنه كان طالعا وجب عليه القضاء، ومن قلد غيره في أن الفجر لم يطلع ثم تبين أنه كان طالعا وجب عليه القضاء، ومن شك في دخول الليل لوجود عارض في السماء ولم يعلم بدخول الليل ولا غلب على ظنه ذلك فأفطر ثم تبين بعد ذلك أنه كان نهارا كان عليه القضاء، فإن كان قد غلب على ظنه دخول الليل ثم تبين أنه كان نهارا لم يكن عليه شئ.
وجميع ما قدمناه مما يفسد الصيام مما يجب منه القضاء والكفارة أو القضاء وحده، متى فعله الانسان ناسيا أو ساهيا لم يكن عليه شئ ومتى فعله متعمدا وجب عليه ما قدمناه وكان على الإمام أن يعزره بحسب ما يراه، فإن تعمد الإفطار ثلاث مرات يرفع فيها إلى الإمام فإن كان عالما بتحريم ذلك عليه قتله الإمام في الثالثة والرابعة وإن لم يكن عالما لم يكن عليه شئ.
ويكره للصائم الكحل إذا كان فيه مسك وإن لم يكن فيه ذلك لم يكن به بأس، ولا بأس للصائم أن يحتجم ويفتصد إذا احتاج إلى ذلك ما لم يخف الضعف فإن خاف كره له ذلك إلا عند الضرورة إليه، ويكره له تقطير الدهن في أذنه إلا عند الحاجة إليه ويكره له أن يبل الثوب على جسده، ولا بأس أن يستنقع في الماء إلى عنقه ولا يرتمس فيه حسب ما قدمناه ويكره ذلك للنساء، ويكره للصائم السعوط وكذلك الحقنة بالجامدات ولا يجوز له الاحتقان بالمائعات، ويكره له دخول الحمام إذا خاف الضعف فإن لم يخف فليس به بأس.
ولا بأس بالسواك للصائم بالرطب منه واليابس فإن كان يابسا فلا بأس أن يبله أيضا