ولما انقرضت خلافة بني أمية من دمشق، ذهب عبد الرحمان الأموي إلى الأندلس بإسبانيا وأنشأ فيها دولة عربية سنة 138 هجرية الموافقة لسنة 756 مسيحية، فضربت النقود العربية بالأندلس على نسق نقود الشام، وآخر من ضربها هناك محمد الثاني من بني عباد في نحو سنة 482 للهجرة.
وممن ضرب النقود العربية في هذه البلاد وغيرها من البلدان التي اتصل إليها الفتح الإسلامي، بنو إدريس، وبنو الأغلب وبنو طولون، والأخشيديون، والطاهرون، وخانات تركستان، وخوارزم، وولاة سجستان، والسلاجقة، والسلادقة، وبنو ارتق، وبنو زنكي وغيرهم ممن يطول الكلام بذكرهم.
وأكثر النقود العربية التي مر ذكرها كتابتها في غاية الخشونة قديمها وحديثها، بل بعض قديمها أكثر إتقانا من حديثها، ووزنها غير ثابت وبعضها مموه، ومنها ما عليه كتابة سنسكريتية أو يونانية أو رومانية، ومنها عليه صور.
من أقدم النقود ذات الصور درهم على وجهه الواحد صورة فارس متقنة الصنعة، وعلى دائره (لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الناصر لدين الله أمير المؤمنين) وعلى وجهه الثاني (السلطان القاهر أبو الفتح سليمان بن قلج أرسلان ناصر أمير المؤمنين) وعلى دائره (أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، ضرب بمدينة قيصرية سنة سبع وتسعين وخمسماية) وهو مما ضربه سليمان الثاني من سلاجقة الروم.
وأما النقود التي ضربت بعد سنة 600 للهجرة فليست على شئ من الجمال إلا في ما ندر، وفي بعضها صورة السيد المسيح، أو مارجرجس أو العذراء المباركة.
من ذلك فلس على وجهه الواحد صورة رأسين متواجهين وحولهما بالخط العربي (نجم الدين ملك ديار بكر) وعلى الوجه الثاني صورة العذراء تتوج الإمبراطور يوحنا الثاني وحولها بالخط العربي أبو المظفر الپي بن ترتماش بن ايل غازي بن ارتق وهو من اراتقة ماردين وأكثر هذه الصور منقول عن صور رومية أو ساسانية، هذا ما أردنا بيانه من تاريخ النقود العربية) ومما لا يليق تركه في ختام هذه المقالة أن جميع دول الأرض تضرب نقودها