فهذا كما ترى يؤيد ما ذكره في الدينار الإسلامي من أن عبد الملك أول من ضرب الدينار.
وقال ابن الأثير في حوادث سنة ستة وسبعين: (وفي هذه السنة ضرب عبد الملك ابن مروان الدنانير والدراهم وهو أول من أحدث ضربها في الاسلام، فانتفع الناس بذلك، وكان سبب ضربها انه كتب في صدور الكتب إلى الروم (قل هو الله أحد) وذكر النبي صلوات الله عليه وآله وسلم مع التاريخ، فكتب إليه ملك الروم انكم قد أحدثتم كذا وكذا فاتركوه والا أتاكم في دنانيرنا من ذكر نبيكم ما تكرهون) فعظم ذلك عليه، فاحضر خالد بن يزيد بن معاوية، فاستشاره فيه فقال، حرم دنانيرهم واضرب للناس سكة فيها ذكر الله تعالى، فضرب الدنانير والدراهم (1) ثم إن الحجاج ضرب الدراهم ونقش فيها قل هو الله أحد، فكره الناس ذلك لمكان القرآن، لأن الجنب والحائض يمسها، ونهى ان يضرب أحد غيره، فضرب سمير اليهودي فاخذه ليقتله فقال: له عيار دراهمي أجود من دراهمك فلم تقتلني؟ فلم يتركه فوضع للناس صنج الأوزان ليتركه فلم يفعل، وكان الناس لا يعرفون الوزن إنما يزنون بعضها ببعض، فلما وضع لهم سمير الصنج كف بعضهم عن غبن بعض.
وأول من شدد في أمر الوزن وخلص الفضة أبلغ من تخليص من قبله، عمر ابن هبيرة أيام يزيد بن عبد الملك، وجود الدراهم وخلص العيار واشتد فيه، ثم كان خالد بن عبد الله القسري، أيام هشام بن عبد الملك فاشتد أكثر من ابن هبيرة، ثم ولى يوسف بن عمر فافرط في الشدة فامتحن يوما العيار فوجد درهما ينقص حبة فضرب كل صانع ألف سوط، وكانوا مأة صانع، فضرب في حبة مأة الف سوط، وكانت الهبيرية والخالدية واليوسفية أجود نقود بنى أمية، ولم يكن المنصور يقبل في الخراج غيرها فسميت الدراهم الأولى مكروهة، وقيل إن المكروهة الدراهم التي ضربها الحجاج ونقش عليها (قل هو الله أحد) فكرهها