ومثال ما عليه اسم السنة فقط فلس على وجهه الواحد (لا إله إلا الله وحده) وعلى الثاني (ضرب في سنة تسع وتسعين)، ومثال ما عليه اسم المكان واسم السنة فلس، على وجهه الواحد كلمة الشهادة وعلى الثاني (بسم الله ضرب هذا الفلس بچى سنة إحدى وعشرين ومائة).
ومن النقود ما على أحد وجهيه (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) فظن بعضهم أن مروان آخر الخلفاء الأمويين ضربه كذلك تقربا من أهل البيت، والصحيح أن ضاربه أبو مسلم قبيل انقراض الدولة الأموية.
وتشترك النقود الأموية في أن ليس عليها اسم الخليفة، فلا يعرف ضاربها إلا من تاريخها، والمضروبة منها في سنة موت خليفة، وقيام آخر لا يمكن الجزم في نسبتها إلى هذا. أو إلى ذاك لأنه ليس عليها اسم الشهر.
أما الخلفاء العباسيون فجروا أولا في ضرب نقودهم مجرى الأمويين، ولكنهم لم يلبثوا أن وضعوا عليها اسمهم مع اسم مكان ضربها وسنته، وأول من ابتدأ منهم بوضع اسمه المهدي، وكان إذ ذاك واليا على الخطة المحمدية.
فمن ذلك درهم على وجهه الواحد (بالري سنة ست وأربعين ومائة) وعلى الاخر (مما أمر به المهدي محمد بن أمير المؤمنين) وسميت بالمحمدية منذ سنة 148 للهجرة.
ولما ولي المهدى الخلافة، جعل يكتب اسمه على نقوده الخليفة المهدي) وجرى باقي الخلفاء العباسيين هذا المجرى إلى انقراض دولتهم.
والظاهر أن الطائع والقادر، والقائم، والمقتدي، والمستظهر، والمسترشد، والراشد، والمقتفي، والمستنجد، من الخلفاء العباسيين لم يضربوا النقود، لأنه لا يوجد نقود باقيه من سكتهم، والمرجح أن السلاجقة وغيرهم ممن قام في أيامهم منعوهم عن ضرب النقود، وضربوها هم حتى في نفس قصبة العباسيين مدينة الاسلام.