نظرة أخرى (الثانية): تعارف إطلاق الفلوس في عصرنا هذا على عامة المسكوكات وما يقوم مقامها من إي جنس كان ولو على سبيل التجوز كما أشار إليه في تاريخ العرب قبل الإسلام قال: ويلاحظ أن الناس تجوزوا فأطلقوا لفظة الفلوس على النقد عامة على الفلوس وعلى غيرها، وهو من باب إطلاق الجزء على الكل. (راجع ما نقلنا عنه (ص 157 س 5) وذكر نحو ذلك في (الدرهم) أيضا (راجع ص 133 س 7) وربما يستفاد إطلاقها على غير المسكوك النحاسي من صدر عبارة المقريزي أيضا (راجع ص 155 س 6) ويمكن تأييد ذلك بما ذكره صاحب (البرهان القاطع) من إطلاق الفلوس على الپول في اللغة العربية (راجع ترجمة كلامه هامش ص 118 س 18) وربما يخدش فيه بأن من المحتمل أنه أراد من الكلمة النقد النحاسي الذي كان سابقا جاريا في المعاملة وقد زال اليوم اسمه عن الأسواق لا معناه الجنسي، الشامل لعامة المسكوكات، فالتأييد غير مفيد، ولكن يبعد هذا الاحتمال عدم صحة إطلاق الفلوس التي هي جمع الكثرة على ذلك النقد النحاسي الخاص، بل الصحيح المتعارف إطلاق الفلس عليه، فتعريبه بها قرينة على إرادة ذلك المعنى العام.
وبالجملة الذي يصلح أن يكون مرادفا في اللغة العربية لكلمة (پول) المتعارف اطلاقها على جميع أنواع المسكوكات والأوراق المالية في السنة الإيرانيين هو لفظ (الفلوس) دون لفظ (النقد) إما لأجل أن كل واحد من لفظي (النقد) و (پول) يتناول من الافراد ما لا يندرج في مفهوم الآخر، أو لأن الثاني أوسع دائرة من الأول وهذا بخلاف كلمة (الفلوس) فإنها بحسب مفهومها السائد الآن عرفا تعطي نفس مفهوم (پول) تماما وإن كان ذلك على سبيل المسامحة.
فبناء على ما ذكر لا يتوجه علينا القول بأن الفلوس اسم لخصوص النقود النحاسية فلا يصح تفسير كلمة (پول) بها واطلاقها عليها.
الفصل السابع كان قصدنا أن نخص هذا الفصل، بذكر جملة من الدراهم والدنانير الاسلامية، التي وجدناها في مستحف عاصمة إيران " طهران " المضروبة في عهدي الأموية، والعباسية لكن عثرنا في خلال ذلك، على الجدول الذي نشره البنك الملي في إيران سنة 8340 الشمسية الموافقة لسنة 1380 ه، في كتابه المسمى ب " سر رسيد نامه " (1) وقد تعرض فيه لذكر المسكوكات الإيرانية، بمشخصاتها، وعيارها، ووزنها، وقطرها، فرأينا الأولى، ان نثبته هنا أولا، ثم نتعرض لذكر تلك النقود.
(ودونك صورته)