بين منزلتين يجمع فيها كمال الزكاة من غير بخس، ولا اضرار بالناس، مع موافقة ما سنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحده من ذلك.
وكان الناس قبل عبد الملك يؤدون زكاة أموالهم شطرين، من الكبار والصغار، فلما اجتمعوا مع عبد الملك على ما عزم عليه عمد إلى درهم واف، فوزنه، فإذا هو ثمانية دوانيق والى درهم من الصغار فإذا هو أربعة دوانيق فجمعهما، وكمل وزن الأكبر على نقص الأصغر، وجعلهما درهمين متساويين، زنة كل منهما ستة دوانيق، سواء، واعتبر المثقال أيضا فإذا هو لم يبرح في آباد الدهر موفى محدودا كل عشرة دراهم منهم ستة دوانيق فإنها سبعة مثاقيل سوى فأقر ذلك وأمضاه من غير أن يعرض لتغييره، فكان فيما صنع عبد الملك في الدراهم ثلاث فضائل:
الأولى ان كل سبعة مثاقيل زنة عشرة دراهم.
والثانية انه عدل بين صغارها وكبارها، حتى اعتدلت وصار الدرهم ستة دوانيق.
والثالثة انه موافق لما سنه رسول الله في فريضة الزكاة، بغير وكس ولا اشتطاط، قضت بذلك السنة، واجتمعت عليه الأمة، وضبط هذا الدرهم الشرعي المجمع عليه أنه كما مر زنة العشرة منه سبعة مثاقيل، وزنة الدرهم الواحد خمسون حبة وخمسا حبة من الشعير، الذي تقدم ذكره آنفا.
ومن هذا الدرهم تركب الرطل والقدح والصاع وما فوقه إلى أن قال: وكان مما ضرب الحجاج الدراهم البيض، ونقش عليها (قل هو الله أحد) فقال القراء قاتل الله الحجاج أي شئ صنع للناس؟ الآن يأخذ الدرهم الجنب والحائض وكانت الدراهم قبل منقوشة بالفارسية، فكره ناس من القراء مسها وهم على غير طهارة وقيل لها المكروهة فعرفت بذلك. (1) ووقع في المدينة أن مالكا سئل عن تغيير كتابة الدنانير والدراهم لما فيها