المسجد الحرام متوكئاً على سالم مولاه، ومحمّد بن علي في المسجد، فقال له سالم: يا أمير المؤمنين، هذا محمّد بن علي بن الحسين في المسجد المفتون به أهل العراق، فقال: اذهب اليه، وقل له: يقول لك أميرالمؤنين: ما الذي يأكله الناس ويشربونه الى أن يفصل بينهم يوم القيامة؟ فقال له: يحشر الناس على مثل قرص نقي فيها أنهار متفجرة يأكلون ويشربون منها حتى يفرغوا من الحساب، قال: فلما سمع هشام ذلك رأى انه قد ظفر به، فقال: اللَّه أكبر ارجع اليه، فقل له ما أشغلهم عن الأكل والشرب يومئذٍ؟ فقال محمّد: قل هم في النار أشغل ولم يشغلوا ان قالوا«أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ» فسكت هشام ولم يرجع كلاماً» «1».
وعن أبي حمزة الثمالي عن أبي الربيع قال: «حججت مع أبي جعفر عليه السّلام في السنة التي حج فيها هشام بن عبد الملك وكان معه نافع مولى عمر بن الخطاب، فنظر نافع الى أبي جعفر في ركن البيت وقد اجتمع عليه الخلق، فقال: يا أمير، من هذا الذي قد تكافأ عليه الناس؟ فقال: هذا محمّد بن علي ابن الحسين قال: لآتينّه ولأسألنه عن مسائل لا يجيبني فيها الّا نبي أو وصي نبي.
قال: فاذهب اليه لعلك تخجله، فجاء نافع حتى اتكأ على الناس، وأشرف على أبي جعفر عليه السّلام فقال: يا محمّد بن علي اني قرأت التوراة والانجيل والزبور والفرقان، وقد عرفت حلالها وحرامها، وقد جئت أسألك عن مسائل لا يجيبني فيها الّا نبي أو وصي نبي أو ابن نبي، فرفع أبو جعفر عليه السّلام رأسه فقال: سل عما بدا لك، قال: أخبرني كم بين عيسى ومحمّد من سنة؟ قال: أجيبك بقولك أم بقولي؟ قال: أجبني بالقولين! قال أما بقولي فخمسمائة سنة وأما بقولك