في تفسير قوله تعالى:«سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ» «١» وانّ الحرث بن النعمان الفهري انكر فضل هذه الآية، فأرسل اللَّه تعالى حجراً سقط على هامته فخرج من دبره، فهذا معجزة كمعجزة النبوّة على السّواء، ولم يفعل اللَّه تعالى ذلك الّا لموضع التنبيه على وجوب ولاية علّي انّ ولاءه من أمر اللَّه تعالى لا من قبل الرسول صلّى اللَّه عليه وآله، بل من قبل اللَّه تعالى اوّلًا ومن قبل الرسول ثانياً.
ويزيده ايضاحاً وبياناً قوله سبحانه وتعالى: «وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى» «٢» يريد تعالى «اهْتَدَى» إلى ولاية علي صلوات اللَّه عليه وآله، فثبت بذلك انّ ولاية علي صلوات اللَّه عليه وآله أفضل من النبوة والايمان والعمل الصالح، بدليل انّ من اتى بذلك كلّه ولم يهتد الى ولاية علي صلوات اللَّه عليه وآله لا يحصل له الغفران، فثبت بذلك انها افضل الأعمال الصالحة «٣».
قال شرف الدين: «ان اللَّه سبحانه أمر رسوله صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم بالتبليغ، وتوعّده ان لم يفعل ووعده العصمة والنصرة، فقال: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ»: أي أوصل الى امتك «مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ» في ولاية علي وطاعته، والنص عليه بالخلافة العامة الجلية من غير خوف ولا تقيّة «وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ» ذلك «فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ» لانّ هذه الرسالة من اعظم الرسائل التي بها كمال الدين وتمت نعمة رب العالمين وانتظمت امور المسلمين، فاذا لم تبلغها لم تتم الفرض بالتبليغ لغيرها، فكانّك ما بلغت شيئاً من رسالاته جميعاً، لانّ هذه الفريضة آخر فريضة نزلت، وهذا تهديد عظيم، لا تحتمله الانبياء، وقد جاء في هذه الآية الكريمة خمسة أشياء: